آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبده خال
عن الكاتب :
روائي وكاتب سعودي

أطول موت في التاريخ


عبده خال ..
خبر صحفي قصير لم يسترع الانتباه بالرغم من الحمولات الدلالية له، كان ذلك الخبر بعد أن شددت هيئة السياحة والتراث الوطني على أهمية الحفاظ على التراث الوطني وعدم طمسه أو تحطيمه باعتباره من المحرمات.

وهذا النهوض المتأخر جدا يكون استدراكا غير مجد بعد أن طارت الطيور بأرزاقها، ففي السنوات الماضية (في زمن الصحوة أيضا) تم إزالة ومحو وطمس واجتثاث كثير من آثارنا بحجة واهية سقيمة الفهم،، وغير راشدة في زمن تفاخر كل منطقة بجذرها التاريخي الموغل في القدم إلا عند أولئك الجهلة..

فماذا يمكن قوله الآن بعد أن تسلح بعض السفهاء ببنادق للتصويب على تيجان وأسود مدائن صالح (بحجة إزالة وثن)، أو اعتبار مدن سعودية مدن سخط ويجب الإسراع في مغادرتها وعدم البيات فيها، وماذا يمكن قوله عندما أزيلت عشرات الآثار الإسلامية بحجة أن الآخرين منحرفو العقيدة والحل إزالة أي أثر جسدي أو معلم أو مكان لكي يفوتوا على المنحرفين عقديا الدخول في الشرك.. عشرات المواقف خذلنا فيها التاريخ والجغرافيا وتركنا السفهاء يسيرون تاريخ آثارنا بالطمس أو الحجب أو الإزالة (وكلها مفردات تشير لاجتثاث حالة زمنية قديمة جدا بجهل حديث عهد)..

وإذا قالت هيئة السياحة والتراث الوطني أو أحد أفرادها إن سرقة الآثار أو طمسها والعبث بها يعد جريمة في حق الوطن وتاريخه، كونها آثارا وطنية، وتندرج ضمن أملاك الأمة. فهذا قول أشبه بمن يغني في ساحة عزاء...

ولو جاء هذا القول قبل سنوات قليلة لربما ثمنا هذه الحمية المتأخرة جدا فقد كان السفهاء (ولا زالوا في بعض المواقع) يعصفون بكل ما هو أثر حتى غدونا نتلمس آثارنا في الدول الأخرى أو نهاجر بآثارنا إلى عواصم البلدان في أطول معرض أثري يجوب العالم خشية على تلك الآثار من التحطيم.!

والتعليق على هذا الخبر ليس بداية لمعلقة طلالية وإنما استدعاء عبرة على آثار طمست بيد جهلاء سفهاء... وإنما اخترت هذا الخبر للتعليق على جمال المواطن من منطقة تبوك عندما سلم قطعة أثرية يمتد عمرها إلى 6 آلاف سنة.

هذا هو الجمال أن تحافظ على أثر وصل إلينا عبر آلاف السنوات لا أن تطمس آلاف السنوات بجهل وسفاهة كان مرضيا عليها... لقد دمروا آثارا وهم يضحكون.

وإن بقي شيء فلماذا لم يتم نشر اسم المواطن وتقديمه في أجهزة الإعلام كنموذج رائع لمن يتاجر بآثار بلاده ولم يكن من ضمن قبيلة الجهلاء الذين جعلونا نجهل تاريخ ومعالم الرسالة المحمدية في المدينة المنورة على سبيل المثال.
 
صحيفة عكاظ

أضيف بتاريخ :2017/04/03

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد