آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
إسماعيل القاسمي الحسني
عن الكاتب :
كاتب جزائري

كان همّ الأمة فلسطين كيف أمسى تيران وصنافير وقطر وعلا القرضاوي!؟


إسماعيل القاسمي الحسني

كان همّ الأمتين العربية والإسلامية هو تحرير فلسطين، التي تم احتلالها بشكل رسمي عام 1948 وقيل لنا بأن جامعة الدول العربية إنما تأسست لتحقيق تحرير فلسطين كهدف أول وأولوي؛ ومع أن الأنظمة العربية كانت حينها ناشئة على كيانات أنهكها الاحتلال الغربي، وحالها ضعيف على كل المستويات وفي كل مناحي الحياة خاضت بالفعل حروبا طاحنة ضد الكيان الغاصب؛ اللافت في تلكم المرحلة حضور أربعة دول على الأقل وتصدرها مشهد صناعة الموقف في جامعة الدول العربية وهيئة الأمم المتحدة بل وأبدعت تكتل دول عدم الانحياز، هي مصر والعراق وسوريا والجزائر، تلكم المرحلة التي انتهت عمليا مباشرة بعد تحرير سيناء 1974 وتفككت شكليا وتلاشت رسميا عام 1978 بخيانة النظام المصري ووقوعه في حجر مزرعة داوود، لم يكن المرء يسمع بدول الخليج إلا نادرا مثل الكويت وعلى استحياء السعودية، أما غيرهما فلا تكاد تسمع لهم ركزا. واللافت كذلك أن قادة الدول العربية الأربعة كانوا شبابا، لا أتذكر أن أحدهم تجاوز عقده الخامس من جمال عبد الناصر إلى الهواري بومدين.

اليوم يفترض أن الدول العربية جميعها أكثر قوة منها عام 48-52-54-62-67-1974، ويفترض أن قادتها وهم في أغلبهم شيوخ بلغوا من الكبر عتيا، تكون فلسطين حاضرة بقوة أكثر، و تأثير هذه الدول على المجتمع الدولي فضلا عن الإقليمي أشد وطأة وأبلغ للهدف، فأين فلسطين من الحالة العربية اليوم؟ وأين نحن؟

أما فلسطين في جدول عقول –إن وجدت- القادة العرب في ذيل الاهتمام، وأحيانا يدرج ذكرها في بياناتهم المهترئة وتصريحاتهم الممجوجة لرفع العتب ليس إلا، واستبدلها هؤلاء بما هو أهم وأخطر في رؤيتهم “الإستراتيجية” العمياء بصنافير وتيران والمخاطر الجسيمة التي تتهدد الأمن الإقليمي بوجود الدكتورة علا القرضاوي، التي بحمد الله وفق أكبر جيش عربي وبنجاح لافت وعملية إستخباراتية معقدة جدا، اعتمدت الأقمار الصناعية وغيرها من التكنولوجيا المتطورة في إلقاء القبض عليها هي وزوجها ولا أدري إن كانت العملية شملت أبناءها وأحفادها. ثم ها نحن اليوم بمعية المشكلة الخطيرة السابقة أمام “الهول” العظيم والخطر الجسيم الذي تشكله دولة قطر، وبالمناسبة من لا يعرف قطر فهي شبه جزيرة مساحتها لا تزيد عن ضاحية من ضواحي القاهرة وعدد سكانها يقل بكثير عن سكان حي طره أوحي المقطم، وظهرت للوجود بحدودها المعروفة الآن عام 1971، يعني بعد أغلب الحروب العربية، وما سمع بذكرها المواطن العربي إلا عام 1996 بفضل قناة فضائية ولولاها أكاد أجزم أنها كانت لتبقى خاملة الذكر عديمة الحضور.

أعلم أن بعض القراء يتساءل وهو يقرأ هذه الكلمات: أي جديد جاء به الفلاح اليوم؟ أم هو مجرد اجترار ما هو معلوم بحكم الواقع؟.

الجواب: نعم لا شيء جديد، وإنما لعلمي بأن صحيفة “رأي اليوم” تصل مقالاتها من فورها لبطانة هؤلاء –أشباه- القادة، وأحيانا تخترق البطانة إلى المعنيين أنفسهم، وددت أن أسمعهم رأي مواطن عربي وإن كنت واثقا بأنهم لا يعيرونه كثير اهتمام.

وإن كنت أعلم أنهم بلغوا دركا من الهوان ما ينطبق عليه قول الشاعر: ما لجرح بميت إيلام. وهزال تفكيرهم وهممهم قد فاق ما يصح فيه قول الشاعر: لقد هزلت حتى بدا من هزالها***كلاها وحتى سامها كل مفلس.

حين وفجأة تصيّر صنافير وتيران عقدة مصر، ويرفع الشعب المصري صوته عاليا برفضه شطبها من أرضه، وترفض العدالة بسلسلة من الأحكام هي كذلك، فتخرج السلطة العسكرية بمعادلة أغرب من الخيال، مفادها أن الخطر ليس في التنازل عن الجزيرتين، الذي بفضله يخرج المعبر البحري الأهم من تحت الدولة المصرية، ويأخذ الصبغة الدولية وتجري عليه قوانينها، ولا الذي بفضله تجد السعودية غطاء قانونية باعتبارها أصبحت مشمولة حكما باتفاقية مزرعة داوود وغير ذلك، وإنما الخطر كله الذي يتهدّد الأمن القومي المصري هو الدكتورة علا يوسف القرضاوي، وعلى الشعب المصري والأمة العربية كلها أن تصدق هذا العبث بل هذا الهراء. لا أوضاع ليبيا وسوريا والعراق ولا حتى اليمن وأحواله تهدد الأمن القومي المصري، بل الدكتورة علا هي الخطر الذي يقوض أركان الدولة المصرية. عند هذا القاع لا يصبح للكلام معنى ولعل الصمت يكون أبلغ بيانا.

ومازلت أمنّي النفس لو أن قادة دول المغرب يعلنون موقفا واضحا مما تُجرُ إليه الأمة غصبا واغتصابا لمبادئها وقيمها وتاريخها الحضاري، قبل أن يجرفنا جميعا سيل الجهل والعمالة والعفن السياسي الظاهر لكل ذي عينين، والذي ضرب في عظم قادة المشرق، المتمزق بين عقل غرائزي مبَطّن في دشداشة القبلية المنتنه، وبين عمالة مطلقة حد عبودية القرون الوسطى للكاوبوي المعاصر.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/07/06

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد