آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
إيمان شمس الدين
عن الكاتب :
كاتبة وباحثة كويتية

السلم الاجتماعي.. وخطر التمييز المذهبي (2)


إيمان شمس الدين

التمييز القائم على العصبيات المذهبية والطائفية والقبلية وغيرها ينتج عنه غياب العدالة، وبالتالي تحقق الظلم بحق مكونات المجتمع، وظهور تأثيرات واقعية على هذه المكونات أهمها:

– انكفاء المكونات على ذاتها، وظهور شعور بالغبن الاجتماعي، ويتنامى لديها الشعور بالانتماء إلى مذهبه أو قبيلته على حساب شعوره بالانتماء إلى الوطن، ويؤدي ذلك إلى بروز حالات التطرف والتشدد التي قد تنعكس على السلوك الاجتماعي وتؤثر في التسامح والتعايش الاجتماعي لغياب العدل، وفقدان الشعور بالانتماء والأمان.

– هجرة بعضهم إلى الخارج، وهو ما قد يجعل المجتمع لونا واحدا يفقده عناصر قوته الكامنة في التنوع، وقد يشعر الفرد المغبون اجتماعيا بالانفصال عن وطنه واللجوء إلى جغرافيا تنصفه وتشعره بالأمان الاجتماعي.

– التمترس بالقبيلة والمذهب واللجوء إلى قوانينهما وعدم الاكتراث بالدولة؛ نتيجة تمييزها وازدواجية معاييرها، وهو ما يدفع باتجاه الخندقة الاجتماعية، وازدياد منسوب العصبيات وغياب دولة القانون والمؤسسات.

من يمارس ضده التمييز، سواء كان أقليات أو أفرادا، قد يخلق لديهم رد فعل نفسي يتمثل في رفض الآخر، بالتالي التمسك بالانتماء الخاص، فيكرس ما لديه من معتقدات أو قيم فاسدة، فالعدالة تحقق عند الفرد رغبة في الاندماج والانخراط في المحيط من دون هواجس، وهي فرصة ذهبية لتبادل المعارف وتصحيح المعتقدات وتوجيه القيم.

التسامح والتعايش قيم نفسية شعورية ذاتية تتولد كنتاج للعدالة الاجتماعية والاقتصادية، وتحقيق نظرية تكافؤ الفرص للجميع، والتمييز التنافسي الذي يدفع باتجاه تطوير الفرد وينهض بالمجتمع والدولة، والتمييز التنافسي يعني تكافؤ الفرص، لكن نتاج كل فرد وكفاءته هما ما يحددان حقانيته بالمميزات وبالمرتبة والمنصب، أي يكون تمييزه، وهذا يفتح باب التنافس بين أفراد المجتمع لتحقيق الأحسن، وتطوير القدرات والنتاجات بما يحقق النهضة.

أما التمييز التناحري، فهو الذي يكون على أساس الانتماء، سواء القبلي أو المذهبي، أو القرابة النسبية، أو تقصير الدولة بواجباتها، مما يجعل من بعض النواب سعاة خدمات لتحقيق عدد أكبر من الأصوات حتى لو على حساب دولة القانون والمؤسسات.

إضافة إلى خلق طبقية تفاضلية على أساس عصبوي، يكرس حالة الانقسام نفسيا وسلوكيا، ومهما رفعت الدولة من شعارات التعايش والتسامح، وقننت قوانين تعاقب أي محاولات للفتنة، فإن ذلك لن يحل عمق المشكلة، ولن يزيل الحواجز النفسية التي صنعتها الدولة بالتمييز وخلقت جوا من التناحر بين مكونات المجتمع كافة.

هذا بذاته يكرس الفساد والتقسيم الاجتماعي، ويخلق حواجز نفسية نتيجة الإحساس بالغبن، أو التفوق بغير وجه حق، فيجعل من المجتمع طبقات، ومن الصعب في المجتمع الطبقي أن تجد قيم التسامح والتعايش متحققة إلا في الإعلانات والشعارات.

جريدة القبس الكويتية

أضيف بتاريخ :2017/07/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد