آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. كاظم ناصر
عن الكاتب :
أستاذ جامعي مقيم في ولاية كانساس الأمريكية

التحليل والتحريم عند رجال الدين المسيّسين في بلاد العرب والمسلمين


د. كاظم ناصر

صدر أمر ملكي سعودي يوم أمس الثلاثاء الموافق 26- 9- 2017 يبيح للمرأة السعودية قيادة الحافلة لأوّل مرّة منذ تأسيس المملكة. لقد جاء هذا القرار بعد فتاوى متعدّدة أصدرها كبار رجال الدين في المملكة تحرّم قيادة المرأة للسيارات .

فقد أصدرت هيئة كبار العلماء فتاوى عديدة بتحريمها تحت رئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز، ورفضها الشيخ عبد العزيز آل الشيخ واعتبرها ضارة ومفسدة للمجتمع،وأفتى عضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح الفوزان بتحريمها معلّلا رفضه بالقول إن” المحاذير كثيرة  وأخطر شيء أنها تعطيها (المرأة) الحرية بأن تأخذ السيارة وتذهب إلى من تشاء من رجال ونساء.” وأفتى الشيخ محمد بن عثيمين بتحريمها مبرّرا ذلك بقوله” لا شك أن قيادة المرأة للسيارة فيها من المفاسد الكبيرة ما يربو على مصلحتها بكثير هذا فضلا عن أنها تكون سلّما وبابا لأمور أخرى ذات شرور فتّاكة وسموم قاتلة .”

القرار الملكي الذي أباح للمرأة الحق بقيادة السيارة تضمن إشارة واضحة إلى تأييد كبار العلماء الذين عارضوا الفكرة سابقا . لقد جاء في البيان أنّه ” بناء على ما رآه أعضاء هيئة كبار العلماء بشأن قيادة المرأة للمركبة وهو أن الحكم الشرعي في ذلك هو من حيث الأصل الإباحة، وإن مرئيات من تحفظ عليه تنصب على اعتبارات تتعلق بسد الذرائع المحتملة التي لا تصل ليقين ولا غلبة ظن.”

 مشايخ ” هيئة كبار العلماء ” السعودية عارضوا قيادة المرأة للسيارة واعتبروه خطرا عليها وعلى المجتمع خلال العقود الماضية .لكنّهم غيّروا رأيهم بين عشيّة وضحاها، وأفتوا بأن ما كان حراما بالأمس أصبح حلالا اليوم .

فقد أعلنت هيئتهم في تغريدة على حسابها الخاص أن ” المملكة العربية السعودية تأسست على الكتاب والسنّة، ونحن مع ولاة أمرنا في كل ما يرونه مصلحة للبلاد والعباد، وهذا مقتضى البيعة الشرعيّة.” وأضافت الهيئة في تغريدة ثانية ” حفظ الله خادم الحرمين الشريفين الذي يتوخّى مصلحة بلاده وشعبه في ضوء ما تقرّره الشريعة الإسلامية .”

للمرأة السعودية الحق في قيادة الحافلة.نساء العالم جميعا سمح لهن بقيادتها بعد اختراعها ونزولها إلى الأسواق في بدايات القرن العشرين، والنساء العربيات مارسن ذلك في معظم الدول العربية ومن ضمنها الكويت والبحرين قبل أكثر من ستين عاما ولم يثبت أن قيادتهن لسياراتهن كانت ضارة بالمجتمع أو بمكانتهن الإجتماعية كما إدّعى الشيوخ في تبريرهم للمنع، بل إنها ساعدت العاملات منهنّ في الذهاب لعملهنّ، ومكّنت المتزوجات والعازبات من المشاركة في قضاء حاجات أسرهنّ وخفّفت العبء عن الأزواج والآباء والأمهات.

المرأة السعودية قامت بحملات عدّة للحصول على حقها بقيادة الحافلة كان من أهمها حملات نوفمبر 1990 ، ويونيو 2011 ، وأكتوبر 2013 ، ونوفمبر 2014 ، فهنيئا لها على هذا الإنجاز الذي طال انتظارها له، ونتمنى لها المزيد من النجاح في حصولها على حقوقها المشروعة كمواطنة قادرة على خدمة مجتمعها، وتستحقّ الإكرام والحصول على حقوقها كبقية نساء العالم.

هؤلاء مشايخ أمتنا يقلبون الحقّ باطلا والباطل حقا بأمر من ” طويل العمر” ، دون رجفة قلب أو وخزة ضمير.نحن العرب الغلابا نقول لمشايخ السعودية ومن لف لفيفهم من مشايخ العرب والمسلمين إننا نعرف أنكم أدوات في يد ” ولي الأمر”،وإنّكم تحرّمون وتحللّون له ما يشاء،وإنّه يحرّككم كما يشاء، وتأسلمون القرارات والتجاوزات التي يشاء دون اعتبار لأضرارها ومخالفتها لشرع الله !

إن فتاويكم وتأييدكم الواضح للحكام العرب المشاركين في حرق شعوبنا وتدمير أوطاننا، وسكوتكم عن ظلمهم لشعوبهم ونهبهم لثرواتهم وحرمانهم من حقوقهم وحرياتهم،وخنوعهم لإرادة أعداء الأمة وتفريطهم بكرامتها،إثبات دامغ على افترائكم على الله سبحانه وتعالى وعلى خيانتكم لنا ولأوطاننا وديننا !

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/10/02

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد