آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. كاظم ناصر
عن الكاتب :
أستاذ جامعي مقيم في ولاية كانساس الأمريكية

هل سينجح كيم جونج أون في ابتزاز دونالد ترامب؟


د. كاظم ناصر

كوريا الشماليّة دولة اشتراكيّة تتّخذ نظاما يقوم على الاعتماد على الذات وعدم الاعتماد على الآخر؛ عدد سكانها 25 مليون نسمة، ويحكمها كيم جونغ أون حفيد مؤسس الدولة كيم إل سونغ، وابن الرئيس الراحل كيم جونغ إل. الرئيس الحالي ما زال شابا في الخامسة والثلاثين من العمر، ومعروف بتحدّيه للغرب، وخاصة الولايات المتحدة، وببطشه حتى بأقرب المقربين إليه إذا كان ذلك يخدم استمراره في الحكم والمحافظة على النظام.

لقد تحدّى كيم جونغ أون تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القيام بعمل عسكري ضدّ بلاده، ونجح في خلق حالة من القلق في الولايات المتحدة والعالم خلال الأشهر القليلة الماضية؛ فما هو السبب الذي يخيف الولايات المتحدة من هذا البلد البعيد الصغير مساحة وسكّانا؟ وكيف تحوّلت أمريكا القوة الأعظم التي تخيف وتهدّد العالم بأسلحتها إلى دولة تتعرّض للتهديد؟ وهل هذا الصراع هو صراع حقيقي أم أنه مناورة كورية الهدف منها ابتزاز الولايات المتحدة والغرب لإجبارهم على تغيير سياستهم الاقتصادية والديبلوماسية معها؟

لقد جنّ جنون الإدارة الأمريكية خلال الأشهر الماضية نتيجة لإعلان كوريا الشمالية أنها فجّرت قنبلة هيدروجينية متقدّمة، ونجحت في تطوير صواريخ عابرة للقارات تحمل رؤوسا نووية قادرة على ضرب كبرى المدن الأمريكية وكوريا الجنوبية واليابان والقواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة.

 ترامب استخدم لغة التهديد والوعيد ضدّ جونغ أون في البداية وفشل، ثم غيّر موقفه ووافق عل عقد اجتماع معه في سنغافورة بتاريخ 12- 6- 2018 . لكل من الرئيسين أسبابه لحضور هذه القمة؛ ترامب يعاني من انتكاسات دبلوماسيّة على الصعيدين المحلي الدولي؛ ولهذا فإنه من المتوقع أن يستغل هذا اللقاء لإقناع الرئيس الكوري بنزع أسلحة بلاده النووية وتخيف حالة التوتر بين البلدين ويحقق بذلك إنجازا مهما يظهره بمظهر رجل السلام في آسيا، ويساعده على تغطية فشله وفضائحه وتراجع مكانة ومصداقية الولايات المتحدة الدولية.

لكن كيم جونغ أون قد يكون الفائز الأكبر من هذا اللقاء لأنّه سيحصل على الشرعية السياسية لكوريا الشمالية، ويعامل لأوّل مرّة كرئيس دولة نووية يلتقي مع رئيس أقوى دولة في العالم، ويثبت وجوده على الساحة الدولية كقائد مهم؛ كذلك فإن اللقاء في حالة نجاحه يساعده على دعم سياساته والحفاظ على حكمه من التهديد الداخلي، ويدعم مكانة بلاده كقوة نوويّة يحسب حسابها، ويعزّز جهوده لإلغاء العقوبات الاقتصادية المفروضة على بلاده وانفتاحها على العالم، ممّا يؤدي إلى تحسين نوعيّة الحياة التي يعيشها الشعب الكوري الشمالي.

كيم جونغ أون رجل عناد وتحدّ؛ لقد وافق على الاجتماع مع ترامب رغم إنه يدرك أنه عدوّ لدود له ولبلاده، وعنصري ومتهور ومرفوض عالميا ولا يمكن الثقة به؛ ولهذا فإنه من المتوقع أن لا يوافق على نزع شامل لأسلحة بلاده النووية والصاروخيّة، لكنّه قد يوافق على حلّ وسط يخفّف حدة التوتر بين بلاده والولايات المتحدة، وبينها وبين دول الجوار وعلى رأسها كوريا الجنوبية واليابان، ويمكّنها من إقامة علاقات سياسية وتجارية مع معظم دول العالم.

إذا استطاع الرئيس الكوري تحقيق ذلك فسيكون الرابح الأكبر، ويثبت بذلك أن دولا صغيرة فقيرة تستطيع أن تتحدّى الدول الأقوى في العالم وتحصل على ما تريد!

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/06/05

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد