آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الستار توفيق قاسم
عن الكاتب :
كاتب ومفكر ومحلل سياسي وأكاديمي فلسطيني، ولد في دير الغصون بطولكرم الفلسطينية، وأستاذ العلوم السياسية و الدراسات الفلسطينية في جامعة النجاح الوطنية في نابلس.

تفجيرات أرامكو: وقاحة أهل الغرب وعملاؤهم العرب


عبد الستار قاسم

انشغل أهل الغرب وعملاؤهم العرب كثيرا بالتفجيرات التي حصلت ضد المنشآت النفطية السعودية التابعة لشركة أرامكو. وصدرت تصريحات كثيرة منددة ومهددة، وتتهم الحوثيين بالإرهاب والعمل على صناعة أزمة طاقة عالمية، وارتفعت أصوات كثيرة تنادي بضرورة حماية مصادر الطاقة، وتنادي بالحرص على الاقتصاد العالمي وتأمين النفط لكل دول العالم. ثم تحول التهديد والوعيد ضد إيران على اعتبار أن أمريكا والسعودية تملكان قرائن تشير إلى أن التفجيرات كان مصدرها إيران وليس الحوثيون الذين اعترفوا بأنهم هم الذين أطلقوا المسيرات.

لم نشهد ضجيجا واسعا حتى الآن حول تدمير اليمن من قبل التحالف العربي الذي تقوده السعودية وتشارك به أمريكا. لا ثمن ولا قيمة لدماء أبناء اليمن، ولا أسف على تدمير بيوتهم ومنشآتهم ومؤسساتهم. ولا أحد يهتم بتدمير المستشفيات والعيادات الصحية والمدارس، ولا اكتراث بانتشار الكوليرا والمجاعة في اليمن. المطلوب أن يبقى أهل اليمن صامتين ومرحبين بتدمير بيوتهم وقتل أبنائهم وقطع أرزاقهم لأن العدوان عليهم حق، ولا حق لهم بالرد. المفروض أن يبتهج أهل اليمن لمآسيهم وأحزانهم التي يسببها لهم أصحاب الدماء الزرقاء السفهاء المنحطين. هذا هو المنطق الغربي في التعامل وهو المنطق القائم على المصلحة. كل ما يلبي المصلحة حق، وكل ما يخل بها باطل. المصلحة في قتل اليمنيين حتى لا تكون لهم سيادة أو كرامة أو احترام، والمصلحة في بقاء مضخات النفط دوارة على مدار الساعة. لا حق لليمنيين في الدفاع عن أنفسهم، ولا الانتقام أو الثأر. وأفضل حق لهم هو الاستكانة والخنوع. هذا هو منطق الغرب وعملاؤهم العرب.

على ذات الشاكلة، لا حق لإيران لاتخاذ التدابير للدفاع عن نفسها، ولا حماية أجوائها ومياهها وأرضها. تخضع إيران لعقوبات منذ عام 1979، ولا يجوز لها تطوير مصادرها الزراعية كي لا تعتمد على نفسها في توفير لقمة الخبز، ولا حق لها بتطوير معارفها العلمية وتقنيتها وتصنيع سلاحها. يجب أن تبقى ضعيفة لكي تبقى تحت السيطرة. ويعين العرب أهل الغرب على ذلك. ومن الجائز أن نقول إن العرب هم أكبر تهديد للأمن القومي الإيراني، ولولا التحريض العربي والصهيوني لما شدد أهل الغرب حصارهم على إيران كما نشهد الآن. لسان أهل الغرب وبالتحديد أمريكا يقول: إن على إيران أن تستكين للعقوبات وتتبارك بها لأن الغرب يقدم السلع والبضائع بدون عناء أهل الدار في التطوير. مطلوب من إيران أن تبقى عالة على أهل الغرب فتستورد منهم ما يرونه هم مناسبا لها. وهذه هي العقلية الاستحواذية الشيطانية التي تمد أذرعها لتهيمن على الأمم وتبقيها تحت السيطرة والاستغلال.

وقد شهدنا هذه الوقاحة من الكيان الصهيوني مرارا وتكرارا. كانت الطائرات الصهيونية تجوب الأجواء المصرية يوما فتدمر وتقتل كما تشاء. وعندما تمكنت مصر من إقناع السوفييت لتزويدها بالصواريخ المضادة للطائرات احتج الكيان الصهيوني وأقام ضجة عالمية كبيرة على اعتبار أن وجود هذه الصواريخ يعطل نشاط الطيران الحربي الصهيوني في الأجواء المصرية، ويمكن مصر من الدفاع عن نفسها. لسان حالهم كان يقول إنه لا يجوز التمكن من إسقاط الطائرات الإسرائيلية لأن هذا يخل بالتوازن والذي يعني بالنسبة للصهاينة التفوق العسكري المستمر على العرب فرادى ومجتمعين. وعندما بدا أن روسيا ستزود سوريا بصواريخ إس 300 قام رئيس وزراء الصهاينة برحلات مكوكية إلى موسكو لإقناع روسيا بعدم تزويد سوريا حتى يبقى الطيران الصهيوني سيد الأجواء. زودت روسيا سوريا بالصواريخ لكننا لم نشهد انطلاق صاروخ واحد حتى الآن صوب الطيران الصهيوني على الرغم من أن الجنود السوريين أصبحوا قادرين على استعمالها ابتداء من شهر آذار/2019.
وتكرر المشهد مع حزب الله الذي واجه العالم كله في محاولات منعه من الحصول على التقنية العسكرية المتطورة التي تخل بالتوازن وفق المنطق الصهيوني.

وعلى الصعيد الفلسطيني، المنطق العربي والغربي والصهيوني واحد وهو أنه يجوز للصهاينة استجماع أكبر قدر من القوة وقتل الناس في أي مكان يرونه هم بينما لا يحق للفلسطينيين حمل رصاصة واحدة. رصاص الفلسطينيين حتى لو لم يكن محشوا في بندقية إرهاب، وإرهاب الصهاينة دفاع عن النفس. العرب كما أهل الغرب شركاء الصهاينة في ملاحقة الفلسطينيين وكل التنظيمات العربية والإسلامية التي تدافع عن الحقوق الفلسطينية.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/09/20

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد