46 عاماً على إحراق المسجد الأقصى
خبيرـ(خاص).
لا تزال الأخطار محدقة بالمسجد الأقصى، بل تزداد يوماً بعد يوم من قبل الاحتلال الصهيوني والتي تترجم كحرائق وحفريات واقتحامات، لا سيما خلال السنوات الأربع الماضية، واليوم تزداد المخاوف أكثر بفضل سياسية الحكومة الإسرائيلية التي يقودها المتطرف ومجرم الحرب "بنيامين نتنياهو".
في 21 أغسطس 1969م - الموافق 8 جمادى الآخرة 1389هـ-، أقدم إرهابي صهيوني يدعى «دينس مايكل» على إشعال النار في الجامع القبْلي في المسجد الأقصى، وشب الحريق الضخم في الجناح الشرقي للجامع القبلي، وكان من أبرز ما دمره، منبر صلاح الدين، كما أتلف أكثر من ثلث مساحة المسجد القبلي، والتهمت النيران كامل محتويات المسجد الأقصى.
وأثار ذلك الحريق ردود فعل كبيرة على مستوى شعوب العالم العربي والإسلامي حيث خرجت مظاهرات في كافة البلدان.
وكان من تداعيات هذه الجريمة البشعة إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي والتي تضم في عضويتها جميع الدول الإسلامية.
خمدت الأصوات والمطاهرات، ولكن الحريق لم يخمد بعد؛ فالخطر يزداد ويهدد أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، والشواهد على الأرض تثبت أن الخطر قائم ما دام الاحتلال قائماً، حيث أنه كان مقدمة لحرائق كثيرة تصيب المسجد الأقصى المبارك وتلحق به.."، وهذا ما يؤكده رئيس الهيئة الإسلامية العليا، عكرمة صبري، موضحاً أن من بين هذه "الحرائق موضوع الحفريات والاقتحامات، من قبل اليهود المستوطنين ومسؤولين إسرائيليين منهم وزراء وأعضاء كنيست يهود".
ويؤكد صبري: "إن الأخطار لا تزال محدقة بالأقصى، بل تزداد يومًا بعد يوم، لا سيما خلال السنوات الأربع الماضية، وحتى الآن، بدعم من الحكومة الإسرائيلية اليمينية الحالية، التي يقودها المدعو (بنيامين نتنياهو)؛ فالأخطار لا تزال قائمة، وعلى العالم الإسلامي أن يتنبه لمثل هذه الأخطار".
ويشير إلى أن "المشروع الإسرائيلي يهدف كمرحلة أولى إلى التقسيم الزماني للمسجد الأقصى، أي يريدون أن يسيطروا على وقت محدد لهم، بحيث يؤدون صلوات لهم في رحاب الأقصى دون وجود المسلمين، ومنذ ثلاث سنوات وهم (الإسرائيليون) يحاولون المرة تلو المرة بدعم من الشرطة والأجهزة الأمنية الإسرائيلية، ولكنهم فشلوا فشلًا ذريعًا، ولم يتمكنوا من تنفيذ ما يخططون له حتى الآن، وسيفشلون بوجود المرابطين والمرابطات الذين يدافعون عن الأقصى".
وعن الحفريات، يقول "صبري" "لا نستطيع أن نوقفها؛ لأنها تحت الأرض وبحراسة شديدة، هذا لم نستطع أن نوقفه، أما ما له علاقة بالاقتحامات استطعنا أن نقف في وجه الاحتلال".
وعليه فأنه حذر من أن الحفريات "وصلت لدرجة متطورة؛ لأن عددًا من الجدران الخارجية للأقصى تشققت من الجهتين الجنوبية والشرقية، وهذه الحفريات يُقصد بها هدم المبنى الأساسي للأقصى، على ضوء كشف الأساسات، وهم (الإسرائيليون) يراهنون على حصول زلزال بقوة 5 درجات على مقياس ريختر، بحيث ينهدم هذا البنيان، هكذا يخططون ليزعموا بأنه انهدم بفعل الزلزال وليس بفعل الحفريات"، مؤكدًا أن الحفريات "لن تتوقف إلا إذا حصل ضغط سياسي دبلوماسي من الدول العربية والإسلامية".
ويشدد على أن الدور الإسلامي والعربي والفلسطيني الرسمي، "لا يقوى ولا يصل إلى حد التحدي؛ وبالتالي فإن انشغال العرب بصراعاتهم الدموية وخلافاتهم الحادة فيما بينهم يشجع الاحتلال على استمراره بالحفريات" .
مشيراً إلى أن على الدول العربية والإسلامية، القيام "بالدور الدبلوماسي والسياسي والضغط من خلال الحراك الاقتصادي والتجاري، وأي دور يؤثر على الاحتلال الإسرائيلي ينبغي أن يقوموا به".
بدوره، نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل المحتل سنة 1948م، كمال الخطيب يذكر أن: " النار لا تزال مشتعلة ولكن بأشكال أخرى، لعلها تكون أكثر خطرًا"، منبهًا إلى "الحفريات تحت المسجد الأقصى، وهي نار تأكله من أسفله".
وبالنسبة لدور السلطة الفلسطينية في رام الله، تجاه القدس يصف الخطيب بأنه "مشبوه ومتواطئ"، مشيرًا إلى أن "الخطيئة الكبرى كانت في أوسلو سنة 1993"، ويوضح ذلك التشخيص بأنه "حينما يتم منع أهلنا في الضفة: الخليل، أو نابلس، أو غيرها، من مجرد التظاهر نصرة للأقصى، فهذا يعني أنهم (السلطة) يريدون فعلًا أن يجعلوا الأقصى وحيدًا، وبالتالي المؤسسة الإسرائيلية تقرأ الخارطة جيدًا وتعرف أن السلطة في رام الله تدافع عن سياسة الاحتلال، ولا تدافع عن المسجد"، بحسب وصفه.
وفيما يخص الوصاية الأردنية على الأقصى، يؤكد الخطيب أن الأخير مسؤولية جميع العرب والمسلمين، حتى أن لا تُترك الأردن لوحدها لتخضع للإملاءات الإسرائيلية أو السياسة الدولية أو التحالفات الإقليمية، التي يبدو أنها تؤثر سلبًا على الموقف الأردني، الأمر الذي يعزز الموقف الإسرائيلي، وهذا ما رأيناه عندما تم الاعتداء المباشر على حراس المسجد الأقصى الذين هم موظفون في وزارة الأوقاف الأردنية، ولم تُعر حكومة الاحتلال الإسرائيلي اهتمامًا، لا لاتفاقية وادي عربة، ولا لكون الأردن لها علاقات دبلوماسية مع (إسرائيل)، ما يعني أن الأخيرة ضربت بالدور الأردني عرض الحائط".
ويُعوِّل نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل المحتل، على الشعوب العربية والإسلامية، لإنقاذ الأقصى، قائلًا: "إننا ندرك مقدار حبها وتعلقها بالمسجد الأقصى والمساهمة في تحريره، إلا أن هذا لا بد أن يمر عبر خطوة أولى وهي الخلاص من الأنظمة الفاسدة"؛ وفق تعبيره.
من ناحيته، يقول المفكر الأردني إسحاق الفرحان: إن المسجد الأقصى بعد الحريق المادي، لا يزال يتعرض "للحريق المعنوي"، من خلال الحفريات، والاقتحامات، وفرض القيود على المسلمين ومنعهم من الصلاة فيه.
ويرى أن "الدور الأردني فيه ضعف؛ لأنه على الأقل، كانت الضفة الغربية تحت السلطة الأردنية"، مشيرًا إلى أن الاعتداء على الأقصى "اعتداء على الأردن في الصميم، والأردن من أولى الدول والشعوب التي يجب أن تقف مع الأقصى وإخواننا في فلسطين مهما كانت العواقب".
هذا وتشير بعض الإحصائيات إلى أن الاحتلال، وخلال الفترة ما بين أغسطس 2014 وحتى أغسطس 2015م، قام عمليات حفر في 10 مواقع حفريات ليرتفع عددها من 47 موقعًا العام الماضي إلى 50 العام الجاري، حيث تركزت الزيادة في الجهة الغربية من المسجد الأقصى.
ووفقاً إلى تقرير أصدرته مؤسسة القدس الدولية، حول أوضاع القدس والمسجد الأقصى، نفذ الاحتلال 28 حفرية في الجهة الغربية من المسجد، و17 في الجهة الجنوبية، و5 في الجهة الشمالية.
ويبسط الاحتلال سيطرته منذ مجزرة الحرم الإبراهيمي في عام 1994، على معظم أجزاء الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، ويمنع الفلسطينيين في غالبية الأوقات من دخوله والصلاة فيه.
كما أن الاحتلال ومستوطنوها نفذوا عشرات الاعتداءات والانتهاكات بحق المسجد الإبراهيمي في الخليل، لعل آخرها كان يوم الثلاثاء في (11/8)، حينما اقتحم وزير جيش الاحتلال موشيه يعالون الحرم الإبراهيمي في تحدٍ سافر لمشاعر الفلسطينيين والمسلمين.
وفى سياق شطب الهوية العربية والإسلامية، تشرع دولة الاحتلال للمصادقة على مشروع تهويدي في ساحة البراق، يقضي ببناء مبنى ضخم، سيتم تنفيذه من خلال ما يسمى 'بصندوق ميراث حائط المبكى'.
بالإضافة إلى الانهيارات الأخرى التي حصلت في المباني الأثرية الوقفية الملاصقة للجدار الغربي للمسجد الأقصى المبارك، وكل ذلك بسبب هذه الحفريات التي تبحث عن أوهام ما يسمى بهيكل سليمان.
أضيف بتاريخ :2015/08/24