مُستشرق #إسرائيلي: حكام #السعودية توصلوا إلى أن التسهيلات الاقتصاديّة انتهت.. والتقشّف فكرة شديدة الخطر
نقلت صحيفة رأي اليوم عن مُحلل شؤون الشرق الأوسط في موقع واللا العبريّ، آفيإيسخاروف، قوله إنّ المملكة السعودية معروفة لدى الجميع بأنها جنة عدن اقتصادية: احتياطيات النفط العملاقة التي تجلس فوقها المملكة الإسلامية تجعل منها منتجة النفط الكبرى في العالم، وأسعار النفط المرتفعة في العالم جعلت من السعوديين أثرياء بلا حدود؛ ولكن أيضًا جعلتهم من أولئك المرتبطون ارتباطًا كليًا بالنفط.
وأضاف "آفيإيسخاروف" أنّ نظام الحكم السعودي له سيطرة كاملة تقريبًا على اقتصاد الدولة، ويهتم بمستوى معيشة مرتفع جدًا للسكان، وضرائب تكاد تكون صفرية، وموازنات سخية، وإعانات حكومية جعلت المعيشة هي الأرخص إطلاقًا، ولكن الفقاعة آخذة بالتمزق كالانخفاض المستمر في أسعار النفط خلال العقد الأخير أدى بالعائلة المالكة إلى الفهم بأن الاحتفال لن يستمر إلى الأبد، وأنه لا مناص من الشروع في تقليص الاعتماد على النفط وتطوير اقتصاد يقوم على أساس مصادر أخرى أيضًا.
وأشار "آفيإيسخاروف" إلى أنّه في هذا العام يتوقع أن يزيد الاقتصاد السعودي بوتيرة 1.5%، وهذا المؤشر المنخفض منذ عقد لا يشمل أزمة العام 2008، في شهر أبريل الأخير أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في تصريح دراماتيكي أن المملكة السعودية ستشرع في برنامج لتخفيض “إدمانها على النفط” لكي تصل إلى وضع في العام 2030 يستطيع فيه الاقتصاد السعودي أن يقوم من دون الاعتماد على النفط، وفي إطاره يستثمر تريليون دولار على تطوير القطاع الخاص.
ووفقًا للمُستشرق الإسرائيليّ، فإنّ برنامج سلمان الطموح بدأ يعطي ثماره ويخلق واقعًا لم يعرفه المواطنون السعوديون قبل اليوم ومفاهيم لم يسمع بها من قبل في المملكة مثل “التقشف”، ومن أجل تمويل البرنامج قلصت إعانات الوقود والكهرباء والماء وخفضت أجور القطاع الشعبي وارتفعت رسوم تصاريح الدخول إلى البلد؛ الأمر الذي يصعب استيراد الأيدي العاملة الأجنبية للمساعدة في الأعمال الداخلية التي اعتادها السعوديون كثيرًا.
وتابع قائلاً إنّ جيل الشباب في السعودية ما بين سن (20-40) تربوا في واقع من أكثر وفرة من واقع آبائهم، وحسب صندوق النقد الدولي ارتفع الناتج القومي الإجمالي من 29500 دولار في العام 1990 إلى 53624 دولار في العام الماضي، المدن الكبرى تعج بمراكز التسوق والمتاجر التي توفر أفخر الماركات من “هوجو بوس″ وحتى “لويس فيتون”، وليس أقل أهمية القطاع الشعبي تضخم بملايين العمال ممن يتلقون راتبًا مرتفعًا ولا يعملون إلا القليل.
وأشار إلى أنّه بحسب تقديرات ” كابيتالاكونوميكس″ على ضوء سياسة التقشف؛ من المتوقع ن ينخفض معدل الاستهلاك بنسبة 6-7% في السنوات العشر القادمة و2-3 % في الأعوام 2017-2018، وحسب البنك المركزي السعودي انخفض الاستيراد من الاتحاد الأوروبي بنسبة 10% في الربع الأول، وكذلك طرأ انخفاض على نسبة إخراج المال النقدي من الصراف الآلي. على صلة بما سلف، صدر كتاب جديد يحمل عنوان “التقشّف: تاريخ فكرة خطرة”، والعمل للمؤلف مارك بليث، أستاذ الاقتصاد في جامعة براون الأمريكية.
في هذا الكتاب الذي ترجمه إلى العربية عبدالرحمن أياس، يقول "بليث" أن التقشف في الإنفاق الحكومي فكرة شديدة الخطر، فهي لم تنجح يوماً، مستشهداً بأمثلة قريبة العهد تعود إلى الأزمة الاقتصادية العالمية المستمرة منذ عام 2008، وأخرى تعود إلى السنين المئة الماضية، وتشمل تجارب أميركية وأوروبية وآسيوية، ما يجعل عمله تأريخاً للتقشف ومضاره.
والتقشف، وفق المؤلف الأسكتلندي المولد، إن نجح حين تطبقه دولة ما، فلن ينجح بالتأكيد حين تطبقه دول العالم كلها أو معظمها في الوقت ذاته.ويشير الكتاب الذي يُعد بحثاً مفصلاً لأسباب الأزمة الراهنة وتداعياتها، إلى أن التقشف العالمي الذي تلى”الركود الكبير” في عشرينات القرن العشرين، أدى إلى صعود النازية في ألمانيا وعسكرة السياسة في اليابان، وهما تطوران يتحملان المسؤولية الأبرز عن اندلاع الحرب العالمية الثانية.
وبليث، المنتمي إلى مدرسة جون مايناردكينز، الاقتصادي البريطاني الذي ساهمت أفكاره حول أهمية الإنفاق الحكومي في تجنب الركود وتجاوزه حين يحصل، في خروج العالم من التداعيات الاقتصادية السلبية للحرب العالمية الثانية، يشدد على أن التقشف بدلاً من أن يعزز معدلات النمو والفرص، أفضى تكرار تطبيقه إلى تركز الثروات وتفاقم حالات التوزيع غير العادل للدخل.
أضيف بتاريخ :2016/09/24