موقع #ألترنت: #المملكة تواجه الانهيار
"المملكة السعوديّة في ورطة كبيرة..فقد أقالت مجموعة بن لادن، وهي أكبر شركات السعودية للإعمار، ٥٠،٠٠٠ موظّفاً أجنبياً من العمل وأصدرت لهم تأشيرات خروج رفضوا الالتزام بها، فلن يغادر هؤلاء العمّال من دون الحصول على رواتبهم. كردّ فعل على غضبهم، أضرم بعض العمّال النار على سبع باصات تابعة للشركة"، هكذا افتتح " موقع alternet" الأمريكي تقريره الذي حمل عنوان " السعوديّة تواجه الانهيار: قد لا ينجو حليف الولايات المتّحدة في الشرق الأوسط أزمة النفط الحالية".
وأشار تقرير "ألترنت" الذي ترجمته صحيفة "خبير" إلى أن "حصول الزعزعة هي الأكثر ترجيحاً في المملكة السعودية الآن، ففي نيسان/إبريل، أقيل وزير المياه والطاقة عبد الله الحصين الذي تلقّى انتقادات كثيرة حول معدّلات المياه المرتفعة والقوانين الجديدة لحفر الآبار والحد من مساعدات الطاقة"، موضحاً أنه "كان ينبغي على الوزارة ذات الهيكلية الجديدة توفير ٣٠ مليار دولاراً على المملكة، وهي كميّة ثمينة لخزينة الدولة التي تتخبّط إثر أسعار النفط الزهيدة. ويريد ٨٦٪ من السعوديّين استمرار مساعدات المياه والكهرباء، وليسوا على استعداد أبداً للتخلّي عنها إذ أنّهم يرونها حقّهم، فلماذا لا تمنح دولة غنية بالطاقة الطاقة شبه المجانية لرعاياها؟".
ولفتت التقرير إلى أن "الملك سلمان تسلّم زمام الحكم السنة الماضية، وكانت المملكة في ضائقة مالية كبيرة، مبيناً أن الخزينة السعوديّة تعتمد على مبيعات النفط بما يزيد عن ٩٠٪ من إيراداتها. ولا يدفع الشعب الضرائب، لذا الطريقة الوحيدة لجمع الإيرادات هي من مبيعات النفط، وعندما نزلت أسعار النفط من ١٠٠$ للبرميل الواحد إلى ٣٠ دولاراً للبرميل الواحد، انهارت إيرادات المملكة النفطية. وقد خسرت المملكة ٣٩٠ مليار دولاراً من الأرباح المتوقّعة السنة الماضية، ووصل عجز ميزانيّتها إلى ١٠٠ مليار دولار. ولأوّل مرّة منذ العام ١٩٩١، التجأت السعوديّة إلى عالم الموارد المالية الخاصّة من أجل الحصول على قرض بقيمة ١٠ مليار دولار لمدّة خمس سنوات. وبما أنّ هذه الدولة المعروفة بصندوقها السيادي الكبير بحاجة إلى اقتراض المال لدفع فواتيرها، فهذا دليل على أسسها الهشّة".
وتساءل التقرير: ماذا تفعل الدولة التي تمرّ بأزمة؟، مشيراً إلى إنها تتّصل بشركة الاستشارات "ماكينزي"، وهذا ما فعلته السعوديّة بالضبط.
وقال التقرير إن شركة "ماكينزي" قد أرسلت خبراء التحليل إلى المملكة، ورجعوا في شهر كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٥ بتقرير: "المملكة السعوديّة من دون نفط: الاستثمار والتحويل في الإنتاجية".
معتبراً أنه كان يمكن كتابة هذا التقرير من دون الذهاب إلى المملكة، لأنّه يحمل في صفحاته كلّ عبارات المذهب الحر الحديث المبتذلة: تحويل الاقتصاد من قيادة حكومية إلى قيادة السوق، وكبح المساعدات وتحويل الدفعات وبيع أصول الحكومة من أجل تمويل الانتقال، ولا يذكر في التقرير أيّ إشارة إلى اقتصاد السعودية السياسي الغريب والسياق الثقافي للمملكة. ويدعو التقرير إلى الحد من التوظيف في القطاع العام السعودي وتقليل عدد عمّالها الأجانب ذوي الرواتب المنخفضة. ولكن اقتصاد السعودية السياسي كلّه وثقافة رعاياها السعوديّين مبنيّة على وظائف القطاع العام وذلّ العمّال الأجانب. ويدفع تغيير هاذين العامودين إلى التساؤل حول إمكانيّة نجاة الملكيّة السعوديّة، وكان ينبغي على شركة "ماكينزي" القول صراحةً إنّ السعوديّة من دون نفط هي سعوديّة من دون ملكيّة.
كما تساءل التقرير بالقول: ماذا قد ينتج التحويل الذي اقترحه "ماكينزي"؟ ولفتت إلى أن التقرير"ماكينزي" ذكر أنّ "تحويلاً مبنيّاً على الإنتاجيّة قد تمكّن السعوديّة من مضاعفة إنتاجه الإجمالي المحلّي وخلق ما يقارب ٦ مليون وظيفة سعوديّة جديدة بحلول العام ٢٠٣٠".
وبحسب تقرير الموقع الأمريكي فأن نجل العاهل السعودي محمّد بن سلمان سلّم بتقرير شركة "ماكينزي"، إذ نسخ التقرير كما هو ووضع عليه اسم "رؤية ٢٠٣٠" الخاص به. ولم يختلف تصريح الأمير محمد بن سلمان عن اقتراح شركة "ماكينزي" كثيراً. ويشير حماس الأمير إلى قلّة خبرته، ومن المرجّح أنّه لم يقرأ كتاب "نايومي كلاين" بعنوان "The Shock Doctrine" (مدرسة الصدمة) التي تهاجم فكرة التحوّل الاقتصادي، وكذلك لم يقرأ كتاب "داف ماكدونالد" بعنوان "The Firm" (المؤسسة) الذي يكشف نموذج الخدع الذي تتّبعه شركة "ماكينزي". ويبدو وضع مستقبل مملكة كاملة بيد تقرير من شركة "ماكينزي" أمراً متهوّراً، لكن الأمير صاحب سوابق فيما يخصّ التهوّر، فهو الذي قاد الحرب السعوديّة على اليمن، ولم تكن النتائج مثمرة في ذلك على الإطلاق. وتبقى محادثات السلام التي تقام في الكويت حول تلك الحرب معلّقة، ولم تحصل السعوديّة على أيّ مكسب في اليمن. فهل يجب على الرجل الذي قاد السعوديّة إلى فشل ذريع في اليمن أن يكلّف بتحوّلها الاقتصادي؟
وقال التقرير إن المملكة السعوديّة ذات نظام ملكيّ، ولدى الأمير محمد بن سلمان واسطة من الملك، ومواهبه تقاس من قبل والده وليس الشعب، وعليهم تحمّل تصرّفاته السخيفة تجاه الاقتصاد كما تحمّلوها في حربه الفاشلة في اليمن.
وعن رؤية الأمير للعام ٢٠٣٠، قال التقرير إنه" بالرغم من محاولات خلق الاستقرار في سوق النفط، إلّا أنّه ليس هناك إشارة على ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات آمنة في المستقبل القريب، وإن بقيت الأسعار تحت ٥٠$ للبرميل الواحد، على السعوديّة مراجعة مشروعها الاقتصادي"، مشيرا إلى أن "هذا يعني أنّ عليها إيجاد طرق أخرى لجمع الإيرادات. والانتقال من اقتصاد معتمد على النفط إلى اقتصاد معتمد على الصناعة والسياحة والمال يتطلّب كميّة هائلة من الاستثمار، ولضمان هذا الاستثمار، تخطّط السعوديّة بيع نسبة صغيرة من حصصها في شركة أرامكو السعودية التابعة للحكومة. وتتضمّن الخطّة جمع ٢ ترليون دولاراً على الأقل من تلك الصفقة ومن بيع أصول حكوميّة أخرى، ومن شأن هذا المال تعزيز الصندوق السياديّ الذي قد يُستنفذ بحلول العام ٢٠١٧ إن لم تقوم السعوديّة بتلك الصفقة".
وتابع التقرير أنه سيتم استعمال الصندوق السياديّ الجديد لتطوير القطاعات الصناعيّة كالبتروكيماويات والتصنيع والتمويل والسياحة. وسيتاح للأجانب امتلاك عقارات في المملكة وستشجع الحكومة النشاطَ التجاري.
متسائلا: "كيف يمكن لكل هذا أن يحصل بحلول العام ٢٠٢٠، وهو التاريخ الذي حدّده الأمير محمد بن سلمان، أو حتّى بحلول ٢٠٣٠ بحسب اسم رؤيته؟ هل يمكن للمملكة السعوديّة تحويل شعبه سريعاً من شعب مكتفٍ من إيرادات النفط إلى شعب عامل وسط سوق متزعزع؟ هل يمكن للعائلة الملكية السعوديّة إدارة الغضب والذل الذي قد يستثيره هذا التغيير؟".
ونقل تقرير موقع "ألترنت" عن مدير صندوق النقد الدولي في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى مسعود أحمد قوله: إنّ التحوّل سيكون على ما يرام، وفي الواقع، ويعتقد أحمد كذلك أنّ خطّة "ماكينزي" متواضعة للغاية. قائلا: في هذا السياق إنّ ما على السعوديّين فعله هو جذب الاستثمارات الخاصة أكثر من أجل خطّة التنويع الاقتصادي. من أين يأتي هذا الاستثمار الخاص؟، وأردف بقوله: ربّما من الصين، التي أبرمت صفقة نووية ضخمة بقيمة ٢.٤٨ مليار دولار مع السعوديّة. وتعدّ المملكة من أكبر مزوّدي النفط للصين، إذ تعمل شركات "سينوبيك" و"بتروتشاينا" عن قرب مع أرامكو السعوديّة لبناء معامل لتكرير النفط في السعوديّة وعلى الساحل الصيني. إلى ذلك، تبني شركات إعمار صينيّة سكّة الحرمين الحديديّة التي ستربط في النهاية مكّة بالمدينة. والصين هي أكبر شريك تجاري للسعوديّة، وشركات الإعمار الصينيّة مستعدّة لإنشاء البنى التحتيّة الجديدة في المملكة السعوديّة.
واختتم "أحمد" بالقول: إن كانت واشنطن تنتبه لما يجري، عليها ملاحظة الرياح التي تمشي عليها حليفها القديم: إمّا إلى الفوضى الإجتماعيّة أو إلى المدار الصيني. لا يوجد بدائل أخرى.
أضيف بتاريخ :2016/05/09