مقرر الفقر يعرض تقرير زيارته للمملكة #السعودية أمام مجلس حقوق الإنسان

رأى المقرر الخاص المعني بمسألة الفقر المدقع وحقوق الإنسان أن الخطاب الرسمي المتعلق بحقوق الإنسان في المملكة السعودية يتسم بالتضارب.
موضحاً أنه على الرغم من التصديق على عدد من المعاهدات الدولية الأساسية وعضويتها في مجلس حقوق الإنسان، فإن بعض السلطات لا زالت تميل إلى اعتبار حقوق الإنسان مفهوما غربياً، مشيرا إلى أن برامجها الإصلاحية لا ترتبط بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، حيث لا زالت السعودية تمارس الاعتقال التعسفي وتسجن المتظاهرين السلميين وتستخدم عقوبة الإعدام كما تمارس التمييز ضد الأقليات والنساء.
جاء ذلك خلال تقرير أصدره السيد فيليب ألستون المقرر الخاص المعني بمسألة الفقر المدقع وحقوق الإنسان في 24 أبريل 2017، وعرضه أمام مجلس حقوق الإنسان في دورته الخامسة والثلاثين (6-23 يونيو 2017).
وتناول تقرير "ألستون"، الذي نشرته المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان اليوم الإثنين، زيارته إلى المملكة التي قام بها من 8 إلى 19 يناير 2017، التي كان قد أعلن عنها في ديسمبر 2016.
المقرر أوضح أن التقرير يهدف إلى تقديم صورة إلى مجلس حول حقوق الإنسان حول مدى اتساق سياسة الحكومة وبرامجها فيما يخص مكافحة الفقر مع التزامات البلد في مجال حقوق الإنسان، وتقديم توصيات بناءة إلى الحكومة وغيرها من الجهات.
ولفت تقرير المنظمة الأوربية إلى أن الزيارة التي تعد الأولى لمقرر خاص منذ العام 2008 وثالث زيارة خلال العقود الثلاثة الماضية إلى السعودية، تخللها لقاءات مع مسؤولين حكوميين، وإجتماعات مع خبراء وممثلي مؤسسات حكومية، إضافة إلى زيارات ميدانية، كما أنها تكسب أهمية خاصة بسبب تزامنها مع إعلان الحكومة السعودية عن عدد من الخطط الإقتصادية بينها رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020.وكانت السعودية قد مارست على مدى الخمسة عشر الماضية سياسة تجاهل لطلبات زيارة المقررين.
واعتبر تقرير المقرر الخاص أن الكثير من السعوديين يرون أن بلدهم خال من الفقر حيث لا يوجد مشردون وجياع، إلا أن ذلك يتنافى بحسب التقرير مع تعريف الفقر على أنه ظاهرة متعددة الأبعاد لا تقتصر فقط على الدخل والثروة، بل فيه عوامل أخرى مثل الوصول إلى الخدمات الأساسية ومشاكل التهميش والعجز.
وأوضح التقرير أن قلة الإحصاءات ونقص المعلومات العامة إضافة إلى انعدام الشفافية بشأن الفقر يطرح إشكاليات كبيرة، من حيث عدم إمكانية التعرف على طبيعة وحجم المشكلة، إضافة إلى أن ذلك يمنعها من إشراك المواطنين في الحلول.
كما أوضح التقرير أنه على الرغم من أهمية البرامج الإقتصادية والإجتماعية وبينها رؤية 2030، فإن المقرر لاحظ بقلق عدم توافر أي أدلة منهجية أو إحصاءات موثقة عن الفقر، التي تعد ضرورة لاتخاذ قرارات رشيدة ومستنيرة. كما شدد التقرير على أن برامج المساعدة الإجتماعية التي تديرها مختلف الوزارات والسلطات العامة والمؤسسات الخيرية تؤدي إلى وجود نظام حماية إجتماعية لا يتسم بالكفاءة وغير قابل للإستدامة ولا يوفر المساعدة الشاملة لمن هم في أمس الحاجة لها. مضيفاً أن الخطط التي وضعتها الحكومة لا تشكل خطة شاملة لأنه لا يوجد خارطة منهجية تحدد مواطن الفقر أو أي تحليلات مفصلة لسمات الفقر في المملكة.
ولفت التقرير إلى أن هناك تحديات لا زالت تواجه النساء وخاصة الأشد فقرا، في التمتع الكامل بحقوق الإنسان المكفولة لهن، بما في ذلك الحق في العمل والضمان الإجتماعي، وعلى الرغم من أهمية التطورات التي حصلت مؤخرا فيما يتعلق بتعليم النساء فإن الواقع يشير إلى محدودية فرص العمل لديهن، وهذا ما يفاقمه استمرار منعهن من قيادة السيارة. مشيراً إلى عدم مشاركة النساء الفاعلة في الحياة السياسية، واقتصار قدرتهن على التعبير عن رأيهن على وسائل التواصل الإجتماعي.
وكان البيان الختامي الذي أصدره المقرر في 19 يناير 2017، قد دعا إلى احترام حقوق المرأة في حال أرادت السعودية إنجاح الإصلاح الإقتصادي، إلا أن الواقع استمر في التدهور، فمنذ ذلك الحين بدأت جلسات محاكمة الناشطة نعيمة المطرود، كما أعادت السلطات السعودية الشابة دينا علي إلى البلاد خلال سفرها إلى أستراليا طلبا للجوء.
وشدد التقرير على أهمية إدارة مشاورات هادفة مع عامة الجمهور، وهذا ما رأى أنه سيكون صعبا في ظل منع الأحزاب السياسية وإنتخابات وطنية وفرض قيود على حرية التعبير، إضافة إلى عدم تعاون المؤسسات الرسمية مع المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية على الرغم من صدور قانون لتنظيم ذلك.
معتبراً أن أهمية استشارة وإشراك المواطنين في برنامج الإصلاح لا تقتصر على ما يتعلق بحقوق الإنسان فحسب بل توخيا للتخطيط الجيد وسعيا إلى الحصول على الدعم اللازم. ولا زالت الحكومة السعودية، بحسب المراقبين الأممين، تعاقب المواطنين بتهم تتعلق بتأسيس منظمات وجمعيات، حيث يواجه مؤسسو جمعية حسم أحكاما مطولة بالسجن، كما يواجه كل من محمد العتبيبي وعبد الله العطاوي محاكمة معيبة على خلفية تأسيس جمعية.
المقرر أكد أن استمرار الحرمان من هذه الحقوق، يكرسه عدم السماح للجمعيات غير الحكومية بالعمل في مجال حقوق الإنسان، وعدم تمتع الهيئات الرسمية المعنية بحقوق الإنسان بالاستقلالية عن الحكومة.
وحول أوضاع العاملات المنزليات المهاجرات، والعمال غير السعوديين الذين يشكلون جزءا من أفقر شرائح المجتمع السعودي وما يقرب من ثلث عدد السكان، فأوضح التقرير أن نظام الكفالة الذي يوصف على أنه نظام الرق المعاصر، يشرع عددا من الانتهاكات، وخاصة بحق النساء.
وأكد أن لا مؤشرات على أن الحكومة السعودية ستغير نظامها بشكل مجدي في المستقبل المنظور. وكانت المقررة الخاصة بأشكال الرق المعاصر قد اعتبرت في وقت سابق أن السعودية بلد يمارس العمل الإسترقاقي على العمال المهاجرين.
كما أكد المقرر أن السياسات الحكومية لا تتطرق إلى أهمية ضمان الحق في مستوى معيشي لائق بالنسبة لغير السعوديين، الذين يعيشون في البلاد وبينهم من يعيش في خيم أو في أطراف المدن، مشددا على أهمية دعوة المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين لزيارة المملكة.
واعتبر المقرر أن "المملكة تشهد تحولا إقتصاديا إجتماعيا وثقافيا، أبرزها فيما يتعلق برؤية 2030"، وهذا ما دفعه إلى حث الحكومة على إعادة تقييم سياساتها المتعلقة بمجال حقوق الإنسان ومكافحة الفقر مع المجتمع السعودي.
كما شجع المقرر الخاص الحكومة على الاستفادة من زيارته بإجراء مناقشة مفتوحة مع الأوساط الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وأن تنفذ ما وعدت به من دعوة غيره من المقررين الخاصين والمنظمات غير الحكومية الدولية المعنية بحقوق الإنسان على زيارة المملكة.
أضيف بتاريخ :2017/06/20