’’الأوروبية #السعودية’’: الحكومة تتوسع في مطالب قطع الرؤوس في محاكمة خلت من شروط العدالة

نشرت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان تقريرا حول توسع الحكومة السعودية في مطالب قطع الرؤوس في محاكمة خلت من شروط العدالة، مسلطة الضوء على مطالبة النيابة العامة بإعدام الداعية سلمان العودة في أولى جلسات محاكمته وذلك بعد عام من اعتقاله.
وقالت المنظمة في تقريرها إن النيابة العامة والتي ترجع للملك سلمان بشكل مباشر، تستمر بالمطالبة بالعقوبات المروعة والصادمة، حيث طالبت في 4 سبتمبر 2018 بإعدام الشيخ العودة، وذلك في أولى جلسات محاكمته التي افتقدت إلى الشروط اللازمة للمحاكمة العادلة، وهي أول محاكمة يُعرف انعقادها لأحد ضحايا حملة اعتقالات سبتمبر 2017.
وقد قال الإعلام الرسمي أن النيابة العامة وجهت للشيخ العودة 37 تهمة، وطالبت بقتله تعزيرا.
ووفق نجله الدكتور عبدالله العودة، فإن التهم تضمنت: عدم دعاءه لولي الأمر بما فيه الكفاية، وصف الحكومة السعودية بالنظام الاستبدادي، انتمائه للإتحاد العالمي للعلماء المسلمين، المساهمة في إنشاء جمعية نصرة النبي محمد (ص) في الكويت، حيازته لكتب محظورة، قيام أشخاص بمراسلته بعبارات تتضمن اتهامات للحكومة وعدم قيامه بالتبليغ عنهم.
كما استعرض تقرير المنظمة التهم التي وجهها موقع موالي للحكومة، لافتا إلى أنه لم يتم توفير الحد الأدنى من الحقوق القانونية للشيخ العودة منذ لحظة اعتقاله وحتى ماقبل بدء محاكمته.
وأكدت المنظمة أن شروط المحاكمة العادلة لاتتوقف فقط على ما يجري في المحاكمة منذ بدء انعقادها، بل يتوقف أيضا على توفر العديد من الحقوق القانونية منذ لحظة الاعتقال حتى بدء المحاكمة.
أضف إلى ذلك، فإن المحكمة الجزائية المتخصصة المشكلة في عام 2008 تفتقد لاختصاص قضائي تبنى عليه مشروعيتها، أو يمكنه معه الطعن في ماتقوم به من محاكمات أو تصدره من أحكام، حيث أنشئت بداية بدعوى محاكمة الضالعين بإعمال العنف الإرهابية، ولكنها توسعت فيما بعد وصارت تحاكم السلميين وأصحاب الرأي والمدافعين عن حقوق الإنسان والمتظاهرين والأطفال.
كما إن صلاحيات الملك تفقدها للإستقلالية، فهو من يعين أو يقيل في المجلس الأعلى للقضاء الذي بدوره مسؤول عن مجمل الجانب القضائي في البلاد.
وكذلك لوحظ وبشكل متكرر عدم تكافؤ الفرص بين المدعى عليه (المتهمين) وبين النائب العام، فعلى سبيل المثال في الوقت الذي حضر المدعي العام للجلسة الأولى ووجه للعودة 37 تهمة كما ذكر الإعلام الرسمي، حضر العودة ولم يكن يعرفها سلفا، في وقت كان من المفترض أن يمثل أمام القاضي وهو عارف بها ولديه جهوزية تامة في الدفاع عن نفسه وبمعية محام.
كما إنه وبسبب التجييش الإعلامي الرسمي وبسبب قبضة الأجهزة التنفيذية على المعتقل، يوضع المتهم في صورة المجرم النهائي دون أن تُفترض برائته حتى تثبت الإدانة، هذا فضلا عما تمارسه الأجهزة التنفيذية وبالتحديد سجن المباحث من ضغوط وإكراه على المعتقل فيما قبل المحاكمة. أيضا حرم الشيخ العودة من حقه في محاكمة علنية مفتوحة للجمهور وللمحايدين.
وشددت المنظمة على أن جميع هذه الانتهاكات تجعل من محاكمة العودة مفتقدة لشروط العدالة، الذي بدوره يضع الحكم الصادر لاحقا في خانة اللامشروعية.
وأشارت المنظمة إلى أن الشيخ العودة (1956) وبوصفه تجاوز 60 عاما، يفترض أن يحظى بمعاملة خاصة تتناسب مع كبار السن، وذلك وفق قرار صدر من الأمم المتحدة في ديسمبر 2011 بهدف رفض إساءة معاملة الأجيال الأكبر سنا وتعريضهم للمعاناة، إلا أن ماتعرض له يجعل من هذه الانتهاكات أكثر شناعة. كما إن الانتهاكات لم تتوقف عليه وانسحبت على أسرته.
وأوضحت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أنها تتبع لعشرات الحالات السابقة، يجعل من طلب النيابة العامة لعقوبة الإعدام مرجحاً خطرا قد يُفضي إلى النطق بحكم الإعدام، ذلك إن الآليات الحكومية التي تحيط بقضية العودة ليست مستقلة وتتبع بشكل مباشر إلى الملك سلمان بن عبد العزيز. فجهاز رئاسة أمن الدولة الذي أعتقل العودة، أُنشيء من قبل الملك ويرجع إليه مباشرة، والقضاة يعينهم الملك، والنيابة العامة ترتبط بشكل مباشر بالملك. كل هذه الآليات تخضع للسيطرة الكاملة من الملك، وبالتالي فإن هذه المحاكمة “شكلية” ونتائجها تخضع لرغبة الحكومة.
وبينت المنظمة أن المحكمة الجزائية المتخصصة تشتهر بافتقارها إلى العدالة في إجراءاتها القانونية وغياب ضمانات العدالة، وتستخدم في محاكماتها قانون مكافحة الإرهاب وتمويله 2017، والذي يتم استخدامه بشكل دائم لمقاضاة النشطاء ومعتقلي الرأي والمطالبين بالإصلاحات، وقد تعرض لإنتقادات شديدة جراء صياغته بشكل جائر لا يتسق مع معايير القانون الدولي. كما إن قضاة المحكمة الجزائية المتخصصة يتجاهلون بشكل كبير دفاع المحامين عن المعتقلين، ويصدرون أحكام الإعدام بناء على أقوال منتزعة تحت التعذيب، كما حصل للمعتقل زاهر البصري الذي قطع رأسه في إعدام جماعي شمل إلى جانبه يوسف المشيخص وأمجد المعيبد ومهدي الصائغ.
ورأت المنظمة أن طلب إعدام الشيخ سلمان العودة، يأتي في سياق القمع والاضطهاد الواسع والمتصاعد الذي يتعرض له الشعب في السعودية –منذ تولي الملك سلمان وتوسع صلاحيات إبنه- تحت ذرائع الأمن القومي، وتجريم الرأي المستقل عن توجهات الحكومة.
إن مطلب إعدام العودة، رفع من عدد السجناء اللذين تم رصد حالاتهم والمهددين بالإعدام في مختلف درجات التقاضي، وقد أصدرت المنظمة الأوروبية السعودية تقريرا في أغسطس 2018 يحصي 51 سجينا مهددين بالإعدام، منهم 31 أحكامهم نهائية وقد يعدمون في أي لحظة بينهم 8 أطفال، ومتظاهرين، و 12 سجينا أتهموا بالتجسس لإيران، ومنذ نشر التقرير طلب المدعي بإعدام المدافعة عن حقوق الإنسان إسراء الغمغام وأربعة نشطاء آخرين، وكذلك موقوفين في سجن مباحث الدمام، والشيخ العودة، ليرتفع العدد إلى 60 سجينا مهددين بالإعدام، وترجح المنظمة أن هناك أعداداً أخرى غير معلومة، يتهددها الإعدام.
إن الأرقام المتعلقة بالإعدام في السعودية في تصاعد مستمر منذ عهد الملك سلمان، وتشير إلى امتلاك الحكومة الحالية شهية شرسة ومفتوحة لعقوبة قطع الرؤوس، فقد شهد عام 2018 تصاعدا على أكثر من صعيد. حيث أظهرت الإعدامات المنفذة في أول شهرين من 2018 أن هناك زيادة 167% في معدل قطع الرؤوس مقارنة بالمعدل الشهري في الأربعة عشر سنة الأخيرة، كما أظهرت الستة أشهر الأولى من 2018 زيادة 27% في الإعدامات المنفذة مقارنة بالستة أشهر الأولى من 2017.
ولفتت المنظمة إلى أنها في يناير 2018 نشرت تحليلا لحكم الإعدام الذي نفذ بحق المتظاهر الشاب محمد الشيوخ وقد أظهر التحليل أن السعودية تقوم بعملية إجهاض خطير للعدالة.
مؤكدة أن الشيخ سلمان العودة سجين رأي، وأن التعبير عن الرأي والاختلاف مع توجهات الدولة الرسمية لايعد جريمة، كما أن المحاكمة التي يخضع لها ليست سوى “محاكمة صوريّة” تفتقر إلى الضمانات الأساسية.
واختتمت المنظمة تقريرها أن النيابة العامة السعودية التي ترجع للملك سلمان مباشرة، تؤكد بمطالبتها بإعدام الشيخ العودة أنها تستخدم الإعدام حتى على التهم التي لاتتضمن العنف، وإن الإعدام التعزيري عقوبة تستسهلها الحكومة السعودية إلى أبعد الحدود، وعلى استعداد لتطبيقها حتى على السلميين.
أضيف بتاريخ :2018/09/05