هل بدأت الحرب الكبرى في المنطقة؟
شكل التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا تحولاً دراماتيكاً في مجرى الأحداث الجارية منذ عام 2011م وذلك لما يشكله الثقل السياسي والعسكري الروسي في المنطقة ومن ناحية أخرى جدية العمل الذي تقوم به روسيا في مواجهة تنظيم داعش في المقابل التراخي وعدم الجدية من قبل التحالف الدولي في الموجهة الإرهاب.
ويُرى ذلك بوضح في نوعية السلاح المستخدم في العملية العسكرية ضد "داعش" إذ تستخدم روسيا طائرات متطورة جدا من شأنها أن تحدث نتائج سريعة في الحرب ضد التنظيم، على عكس الولايات المتحدة التي تبدو عملياتها العسكرية بحسب كثير من الخبراء لا ترقى إلى مستوى التهديد الذي يمثله التنظيم.
وعليه فأن الإدارة الأمريكية تخشى من نجاح روسيا في الحرب الأمر الذي سيعري الولايات المتحدة أمام المجتمع الدولي، ويجعل من المطلب الروسي بتشكيل تحالف جديد يضم الحكومة السورية وأطرافا إقليمية أكثر واقعية وعملية، ولذلك تسعى واشنطن جاهدة إلى ضم روسيا إلى التحالف الدولي، أو على الأقل جعل الحرب الروسية ضد التنظيم جزءا من منظومة دولية متكاملة لتفادي هذا المأزق ومن جهة أخرى لتصطنع إلى نفسها إنجازا حتى لو كان وهميا.
ودلل تصريح وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر عقب بدء الغارات الروسية، قوله من أن "روسيا عُزلت في هذه العملية لتصبح البلد الأجنبي الوحيد الذي يعمل في هذا الاتجاه داخل سوريا"، رسالة أمريكية واضحة للروسيا من أجل العمل سويا، مع محاولة تغليف مطلبها بغلاف الخوف من حدوث تضارب أو اشتباك عسكري خاطئ بين الجانبين، لكن حقيقة الأمر، هي أن الولايات المتحدة قلقة من الأهداف البعيدة لروسيا والتي ربما تتجاوز مسألة محاربة "داعش". وظهر واضحاً الانزعاج الأمريكي كبيرا، حيث قام التحالف الدولي اليوم بشن هجمات عسكرية على "داعش" دون إخبار القيادة الروسية، على عكس الأخيرة التي أبلغت الغرب بتفاصيل هجماتها العسكرية قبل البدء فيها.
ويرى خبراء عسكريين أن القيادة الروسية اختارت إما بقرار أحادي من الكرملين، أو بالتنسيق مع القصر الرئاسي في دمشق، مناطق تواجد "داعش" في حمص وحماة وليس في معقلها إلى الشرق من سوريا، ما يعني أن موسكو تحاول تحقيق هدفين مستعجلين: احتواء التنظيم من أطرافه قبيل الانتقال إلى توجيه ضربات في معاقله، تاركة هذه المهمة للتحالف الدولي لأسباب تكتيكية منعا لأي تصادم عسكري، والهدف الثاني إخراج هذه المنطقة بالكامل من دائرة الصراع ووضعها تحت يد قوات الحكومة السورية، حيث تشكل حمص منطقة مهمة لطرفي الأزمة السورية فهي تفصل دمشق عن مدينتي اللاذقية وطرطوس الساحليتين.
وتعيش المنطقة حدة التوتر على أصعدة مختلفة والرابط المشترك فيها هو أن الوجه الإعلامي للرياض الذي كانت تنظر له لسنوات عديدة وأنها تعتبر نفسها داعية لطاولة الحوار بين أطرف من الدول العربية لتوافق بينها أخذ يذهب في مهب الريح، حيث قررت السعودية إظهار صورتها الحقيقية حتى في علاقتها السرية مع الإسرائيليين لتظهر علناً وبوضوح.
وجاءت كارثة مشعر منى الحرام والاستهتار السعودي قبل الكارثة وبعدها خاصة مع جثامين الضحايا الذي يعد أكثريتهم من الإيرانيين لتخرج التصريحات الإيرانية محذرة الرياض من عدم احترامها لجثامين الضحايا ومن عدم تحمل مسؤوليتها مما جعل الرياض تغيير مسار تعاملها بعد إن كانت تريد أن تدفن ضحايا الكارثة في السعودية.
وبهذا أجبرت السعودية للاتفاق مع إيران من أجل التعاون لتوصيل الضحايا الإيرانيين إلى بلدهم بقداسة واحترام، بعد إن كان وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، قال إن إيران هي آخر من يتحدث عن الاهتمام بشؤون الحج والحجاج، مستعرضاً عضلاته بقوله أن السعودية بذلت الجهود الكبيرة على مدى عقود في خدمة الحجاج والحجيج.
أما في اليمن فقد تصاعدت العمليات العسكرية على الحدود ،مما يُضاعف من الخسائر العسكرية السعودية ،وكانت وحدات من الجيش اليمني واللجان الشعبية، قد سيطرت يوم السبت 26 سبتمبر،على 4 مواقع عسكرية في جيزان، بالتزامن مع مواجهات عنيفة خلفت قتلى وجرحى وإسقاط طائرة أباتشي، وإعلان رسمي عن مقتل عقيد في القوات السعودية.
وقال مصدر عسكري ، إن وحدات الجيش واللجان الشعبية سيطرت على 4 مواقع عسكرية سعودية خلف موقع الحثيرة العسكري في جيزان، وأسقطت وحدات الجيش واللجان مقاتلة أباتشي بصاروخ أرض أرض بموقع الحثيرة بجيزان والذي سيطروا عليه خلال الأيام الماضية، وقتل 13 جندياً سعودياً في المواجهات بالحثيرة بين وحدات الجيش واللجان من جهة، وجنود الجيش السعودي من جهة أخرى.
وفشل الجيش السعودي في إعادة موقع الحثيرة، السبت، وسط مواجهات عنيفة تمكنت فيها وحدات الجيش من السيطرة على 4 مواقع عسكرية جديدة خلف الحثيرة بجيزان، وأضاف المصدر أن عشرات الآليات العسكرية التابعة للجيش السعودي دمرت أثناء المواجهات.
واتهم وزير الخارجية السعودي "عادل الجبير"،في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم الجمعة، أطرافاً (لم يسمها)، بالسعي إلى تصعيد الأزمة اليمنية عبر تهريب السلاح إلى الحوثيين، في إشارة منه إلى إيران، التي تنفي على لسان أكثر من مسؤول صلتها بذلك. وأضاف، "سنتصدى بحزم لأي محاولات إيرانية للتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية"، مشيراً إلى أن "الخيار العسكري في اليمن جاء بعد انقلاب الحوثيين، حسب قوله.
وعلى صعيد الملف السوري، صرح الجبير بقول " على الرئيس السوري بشار الأسد أن يرحل أو أن يواجه "خيارا عسكريا"،مشددا على أن حل الأزمة السورية يتم بخيارين "الأول تسوية سياسية لا مكان للأسد فيها وتتم عبر مجلس انتقالي، أما الخيار الثاني فهو العمل العسكري الذي ينتهي بإسقاط النظام" مُضيفا بأن "لا مستقبل للأسد". وفي الوقت نفسه لم يفصح الوزير السعودي عن تفاصيل الخيار العسكري الذي طرحه، لكنه أكد في حديثه على أن الرياض "تدعم المعارضة المعتدلة التي تقاتل جيش النظام في سوريا.
ويرى مراقبون بأن التهديد العسكري الذي تسلكه السعودية على أكثر من صعيد ،يُنبأ بقرع طبول حرب كبرى في المنطقة ، الأمر الذي سيتسبب بهزيمة للسعودية وحلفائها.
أضيف بتاريخ :2015/10/02