توطين ثانٍ: هل نجح الأول؟
سالم بن أحمد سحاب ..
لا ريب أن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية راغبة في توطين جميع الوظائف في القطاع الخاص إن استطاعت إلى ذلك سبيلاً. وهي اليوم تبشرنا بخطوتها التالية الممثلة بتوطين قطاع مبيعات وكلاء ومعارض السيارات بعد مباشرتها توطين قطاع الاتصالات. ولا أعلم لماذا استثنت الوزارة الجزء الفني الذي هو الأهم، وهو ورش صيانة السيارات، والتي تدر مالاً وفيراً، ويغيب عنها العنصر الوطني غياباً كبيراً.
ولأن المبالغة دائماً سلاحنا الترويجي الأقوى، فقد بشر البعض بأن هذا القطاع المحدود نسبياً سيوظف 100 ألف مواطن إذا ما تم نجاح التوطين فيه! وهنا يفترض هؤلاء أن كل الوظائف المتاحة حالياً يشغلها غير سعوديين، وذلك مستحيل ومجافٍ للواقع، بل إن معظم المعارض الصغيرة المنتشرة في طول البلاد وعرضها يشرف عليها أصحابها والأقربون من أصحابها، وحتى الوافدون العاملون فيها ليسوا على وظائف مندوبي مبيعات وإنما بعضهم يعملون حراساً وكتبة.
وإذا كانت هذه هي قصة النجاح الثاني المأمول بعد قطاع الاتصالات، فهل يعني ذلك أن القصة الأولى تضمنت نجاحاً مشهوداً وبنسبة عالية مشجعة؟ من السهل غلق بعض المحلات بل غلق كثير منها! وفي المقابل ليس من المستحيل التفاف الوافدين المتضررين على بعض الآليات والوسائل المطبقة لفرض التوطين بقوة السلطان!
بعيني رأيت محلات كبيرة لصيانة الهواتف الجوالة مغلقة، بل سألت وكيلاً لأحد الماركات المشهورة جداً فقال لي لقد تضاعف علينا ضغط صيانة الأجهزة بصورة كبيرة لأن الموزع الفلاني أغلق أبوابه والموزع الآخر أغلق أبوابه! واضح أن إغلاق المحلات لا يعني توطين وظائفها، وإنما إلغاءها تماماً، ولو إلى حين! حسناً أين ذهب الوافدون الذين كانوا يشغلون وظائفها؟ هل غادروا البلد؟ أم انتقلوا إلى اقتصاد موازٍ خفي يستهلك البنية التحتية ولا يعود للوطن بشيء ذي قيمة سوى مزيد من الخلل الهيكلي الخفي!
المطلوب أن ندرس بشفافية ووضوح آثار المحاولة الأولى، لندرك أبعاد نجاحها وعمق أثرها، وكل ذلك بالأرقام المجردة لا القصائد المبجلة ولا الإنشائيات المنمقة.
عندها فقط يمكن أن نقول: لننطلق إلى قصة نجاح أخرى، أو لنقل رويداً تمهلوا!.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2016/11/21