عندما يعتبر نوابٌ القانون «معيباً» و«عنصرياً»
هاني الفردان ..
على مدى الأسابيع الماضية شهدت البحرين حالة من الجلبة والصياح والصراخ، على موضوع ليس بجديد، بل هو قديم وثار حولها نقاش كبير، واستخدم واستغل كثيراً وبعدة أشكال، إنه موضوع لفظ «المتجنس»!
لفظ «متجنس» كان في فترة من الفترات لفظاً شاذّاً، منبوذاً، مثيراً، ومؤججاً للفتنة، وضارباً بمقومات الوحدة الوطنية، على حد قول بعض المسئولين، عندما كان يفتح ملف «التجنيس» وتأثيراته على المجتمع البحريني، سياسيّاً واقتصاديّاً واجتماعيّاً.
الموضوع ذاته فتح مؤخراً وأثار الجلبة ذاتها ولكن من جانب من يمكن أن نعتبرهم متضررين بشكل مباشر ومن المقربين، وذلك بعد أن تلمسوا خطورة القادم، وما سيحل عليهم أو حل عليهم من تغير اجتماعي واقتصادي، وحتى أمني.
كان لفظ «متجنس» عندما يلفظه أحد، يتهم بكل أنواع التهم، حتى مؤخراً في مقابلة تلفزيونية «تقزز» مقدم برنامج من استخدام الكاتبة مريم الشروقي لفظ البحريني الأصيل، معتبراً ذلك تمييزاً بين المواطنين!
هذا الموضوع تحدثنا عنه من قبل، ودخلنا في مواجهة مع جهات حكومية بشأنه، وحول استخدامه، ولكن بات واضحاً أن جملة من البشر منهم نواب، سياسيون، كتاب، مقدمو برامج، لا يفقهون شيئاً في القانون البحريني، ولم يكلفوا أنفسهم عناء البحث قليلاً أو التأكد، أو الاطلاع، قبل الحديث والاسترسال في أمور واضحة، وبنصوص قانونية موجودة منذ أكثر من نصف قرن (50 عاماً) ومازال معمول بها حتى الآن.
نواب كثر هاجموا الاقتراح بقانون الذي يشترط مرور 10 أعوام على اكتساب الجنسية البحرينية وذلك للحصول على الخدمات الإسكانية، ووصفوا الاقتراح وما فيه بالكثير من الألفاظ منها أنه بـ «نفس عنصري»، وآخر قال إنه «معيب، ويفرق بين مواطن «أصيل» و «متجنس»، وغيرها من الأوصاف والكلمات.
الفزعة النيابية التي حدثت ضد مقترح العشر سنوات لحصول المتجنس على وحدة سكنية، لم يكن سابقة بل سبقته أيضاً فزعة نيابية في (أبريل/ نيسان 2016)، وذلك لرفض اقتراح بقانون يقرر وضع قيد زمني مؤداه مرور عشر سنوات على الأقل على اكتساب الجنسية البحرينية للحصول على وظيفة عامة مع استثناء مواطني دول مجلس التعاون الحاصلين على الجنسية البحرينية، بعد أن عبّر نواب عن رفضهم القاطع لأي تمييز بين المواطنين ممن يحملون الجنسية بصفة أصلية وبين من اكتسبها.
في أبريل 2016، اعتبر أحد النواب لفظ «متجنس» غير قانوني ويجب أن يجرم!
قانون الجنسية للعام 1963 احتوى على لفظ «متجنس» وما يميز بين البحريني «الأصيل» و «المتجنس»، وهذا الحديث قبل دستور 2002، وجاءت التعديلات على قانون الجنسية وأعادت «التمييز» ذاته وأبقت على التعريفين.
قانون الجنسية البحرينية للعام 1963 وضع لذلك التمييز في مواده الأولى تفسيرات مهمة لمصطلحات ترد فيه، منها أن «بحريني» تعني كل شخص اكتسب الجنسية البحرينية بمقتضى أحكام هذا القانون، و»شخص متجنس» تعني كل شخص منح الجنسية البحرينية بمقتضى أحكام المادة (6) من هذا القانون.
قانون الجنسية البحريني وضع تعريفين واضحين لـ «البحريني» ولـ «الشخص المتجنس»، إذ إن الغاية من ذلك هو التفريق بين الاثنين بشكل واضح وجلي، وخصوصاً أن في القانون مواد تعطي خصوصية لهذه الفئة، وخصوصية للفئة الثانية، ولذلك كان واجباً أن يعرفهما ليفصل بينهما.
على إثر التعريفين السابقين، بنيت مواد قانونية، ومايزت تلك المواد بين الفئتين، من بين تلك المواد المادة (8) من قانون رقم (21) لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام قانون الجنسية البحرينية لعام 1963 فقد ذكرت المادة متى يحق لوزارة الداخلية وبعد موافقة مجلس الوزراء سحب الجنسية البحرينية من الشخص المتجنس، ولم تقل «البحريني»، وذلك لوجود فرق، حتى وإن أصبح المتجنس بحرينياً، فتسحب منه الجنسية إذا صدر حكم بات بالإدانة ضده خلال عشر سنوات من تاريخ حصوله على الجنسية البحرينية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، أو إذا استرد جنسيته الأصلية دون إذن سابق من وزير الداخلية، أو إذا تخلى عن إقامته العادية المستمرة في مملكة البحرين لمدة خمس سنوات متصلة دون إذن من وزير الداخلية أو عذر مقبول.
فهل القانون أخذ بعداً عنصرياً عندما وضع العشر سنوات مساحة لسحب الجنسية من المتجنس في حال إدانته في قضايا الشرف والأمانة، وهو ما لا يطبق على البحريني.
استخدام لفظ «بحريني» و «شخص متجنس» لفظ قانوني منصوص عليه في التشريعات القديمة والمستحدثة، لا يستدعي حالات التشنج، والاتهام بالتمييز أو العنصرية أو ضرب الوحدة الوطنية.
ومع كل ذلك مايزال هناك في الجهات الرسمية وبعض النواب والإعلاميين مَنْ هم غير قادرين على قراءة القوانين والإلمام بها ومعرفة تفاصيلها.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2017/04/08