قراءة في أرقام البطالة
د. عبدالله بن ربيعان ..
بلغت نسبة البطالة 12.3% للربع الرابع من 2016 بزيادة قدرها 0.2% عنها خلال الربع الثالث من نفس العام بحسب بيان الهيئة العامة للإحصاء الذي صدر الخميس الماضي. وبالتأكيد فإن تزايد الرقم من 11.6 إلى 12.1 ومن ثم إلى 12.3% خلال الأرباع الثلاثة المتتالية من العام الماضي يؤكد أن الاقتصاد يمر بحالة تباطؤ اقتصادي، وضعف في خلق فرص العمل أديا للزيادة التراكمية لرقم البطالة عند مستوى مرتفع ومقلق. حيث يصنف رقم البطالة عادة أنه طبيعي إذا كان في حدود 3 إلى 4%، ومزعج إذا تراوح بين 5 و 9%، ومقلق إذا ما تجاوز 10% وبدأ في إضافة خانة العشرات بجانب خانة الآحاد "Double digits".
عودة لرقم البطالة الأخير، فالملاحظ أنه تزايد بمعدل ضئيل لم يجاوز 0.2% بين الربعين الرابع والثالث (مقارنة بـ 0.5% نسبة زيادة الربع الثالث عن الربع الثاني)، بمعنى أنه تزايد بمعدل متناقص كما يصف الاقتصاديون هذا النوع من الزيادة (مازال يتزايد، ولكن معدل الزيادة بين الربعين الأخيرين أقل من معدل الزيادة بين الربعين الأوسطين).
يبقى السؤال هنا، إذا كان الرقم بدأ يتزايد بمعدل متناقص وطفيف فهل معنى هذا أنه بلغ قمته أو أوشك على الوصول لها؟ لا أحد يستطيع الجزم بإجابة مؤكدة، فالزيادة الطفيفة (كنسبة) ربما كانت بسبب أن فترة قياس البطالة خلال الربع الرابع لم تصادف تخريج دفعات جديدة من الخريجين لسوق العمل فكان الفارق طفيفا بين نسبتي البطالة بين الربعين الرابع والثالث، وهذا هو الاحتمال القريب، في حين أن الاحتمال البعيد هو أن التناقص ناتج عن توظيف السوق وامتصاص نسبة من البطالة، وهذا غير مؤكد لأن قطاع الأعمال كان يتجه للفصل وليس التوظيف خلال أواخر 2016.
بمقارنة البطالة كأرقام بعيدا عن النسب بين الربعين الأخيرين يتضح أن عدد العاطلين من الذكور تناقص من 254.108 في الربع الثالث إلى 177.573 في الربع الرابع، وهذا معناه أن السوق وظفت 76.535 شاباً خلال الربع الرابع، ولكن في المقابل ارتفع عدد النساء العاطلات من 439.676 إلى 739.990، أي أن 300.314 عاطلة جديدة دخلن لسجلات البطالة في الربع الرابع، والسؤال من أين أتت هذه الزيادة الكبيرة في رقم العاطلات بين ربعين متتابعين لم يتخللهما تخريج دفعات جديدة من الطالبات؟
جزء من هذه الزيادة الكبيرة قد يعود إلى تغيير هيئة الأحصاء طريقة حساب العاطلين واعتمادها على السجلات، ولكن هذا التغيير لايمكن أن ينتج عنه هذا الرقم الضخم. رأيي الشخصي - غير المعتمد على إحصاءات - أن الزيادة الكبيرة في أعداد العاطلات يعود للسعودة الوهمية التي صاحبت برنامج نطاقات منذ نشأته. فالبرنامج اعتمد في سنواته الأولى على لعبة "يربح - يربح" أو ما يسمى "Win-win game"، بمعنى وظف سعوديا وخذ فيزا لاستقدام أجنبي وادفع لنا رسوم استقدام الأجنبي، ونعيدها لك بدفع نصف راتب السعودي.
هذه الإستراتيجية رفعت نسب وأرقام السعودة، ولكنه للأسف كان رفعاً "وهمياً" لاحقيقاً، والنتيجة أن هذه الإستراتيجية تحولت اليوم إلى لعبة "يخسر - يخسر"، فمقابل كل أجنبي يغادر هناك سعودي يفصل، بمعنى آخر فإن "نطاقات" تحول لبرنامج فصل، وليس برنامج توظيف مدعوماً ببنود المادة 77 سيئة السمعة، وهذا ربما يفسر الزيادة الكبيرة لبطالة النساء بين الربعين.
ختاماً، يبقى الحديث عن حلول البطالة، وهو حديث يطول ولكن بدايته هو أن تقوم وزارة العمل بتنظيف "نطاقات" من السعودة الوهمية، فالسعودة مالم تقم على أرضية صلبة وتوظيف حقيقي فكل حل يقترح سيعيدنا للمربع الأول وهو السعودة الوهمية، ولايمكن الحديث عن حلول جادة بوجودها.
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2017/04/14