التعليم .. ما بين قاعات الدرس وواقع الحياة
أ. د. رشود بن محمد الخريف
يعد التعليم في وقتنا الحاضر منارة للعقول ومظلة ينزوي تحت ظلها كثير من الاكتشافات والاختراعات والابتكارات، التي ترفع من تنافسية المجتمعات وتسهم في رفاهيتها. وعلى الرغم من النجاح الذي حققه التعليم في بناء الإنسان والمجتمع، إلا أنه يحتاج إلى أن يكون تعليما متناغما ومتكاملا مع واقع الحياة واحتياجات المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. فالمطلع على المناهج التعليمية والممارسات التدريسية يلاحظ أن معظمها بمنأى عن الحياة ومتغيراتها ومستجداتها، وإن كانت تتناول جانبا من جوانب الحياة، فإن تناولها ينقصه كثير من التطبيق والشمولية، ويكاد يكون مقتصرا على المحافل العلمية والثقافية دون غيرها. فمثلا عند النظر إلى تدريس المناهج التي تتناول الاقتصاد، يلاحظ أنه يتحدث عن الأنظمة الاقتصادية والتخطيط الاقتصادي والتنمية الاقتصادية بطريقة تقليدية يحفظ فيها الطالب هذه المفردات دون تطبيق أو ممارسة، لذلك يصبح مصيرها الزوال من الذهن بعد انتهاء الفصل الدراسي. علاوة على ذلك لا يوجد حرص مناسب على إشراك الطلاب في التخطيط الاقتصادي واستفتائهم كونهم يمثلون الفئة المستفيدة والكبيرة في الوقت نفسه، وكذلك الحال في البرامج الترفيهية والفعاليات المصاحبة لها.
من جهة أخرى، يحتاج التلاميذ إلى أن يتعلموا كيفية التعامل مع متطلبات الحياة في المجتمع الذي يعيشون فيه، وحماية أنفسهم من الأخطار والإيذاء أو العنف في المدرسة والشارع والأسرة، ومن الضروري تعليمهم وتدريبهم على التعامل البناء والمفيد مع التقنيات الحديثة، وكذلك مع مؤسسات المجتمع كالمصارف وغيرها.
من هذا المنطلق، أدعو إلى تضييق الفجوة بين قاعات الدرس وواقع الحياة من خلال جعل التعليم منصة حياة للفرد والمجتمع، ولا يتحقق ذلك إلا بتطوير شامل يتضمن خطوات وإجراءات، منها:
- التركيز على القضايا الوطنية المهمة في جميع المجالات والمناهج التعليمية والأنشطة غير الصفية، والمحافل التعليمية والترفيهية، وتقديمها بمحتوى يتناسب مع مستواهم العلمي والإدراكي.
- التوسع في إدخال الابتكار في العلوم والمعرفة في مختلف المهرجانات الأسرية الترفيهية مع الحرص على تقديمها بطريقة فنية مبتكرة.
- الاستفادة من التجارب العالمية في التعليم المتميز وثيق الصلة بواقع الحياة.
- إجراء مزيد من الدراسات الإبداعية التي تخدم التعليم ومتطلباته.
- غرس مفهوم الابتكار في عقول الناشئة وتدريبهم على البحث العلمي كونه العنصر الأساس في تقدم الأمم، وذلك من خلال حث الطلاب على حضور الندوات والفعاليات العلمية المهمة.
- إشراك الطلاب في الأنشطة ذات الصلة بالحياة وتدريبهم على التعامل مع البيئة والمحافظة على المرافق العامة الاجتماعية والاقتصادية والترفيهية.
- تفعيل الأنشطة التعليمية في المدارس والجامعات وغيرها وجعلها موائمة للحياة العصرية المتجددة.
في الختام لا بد من تأكيد أن هذه الأفكار والمقترحات تضاف إلى أفكار كثيرة تطرح بين الحين والآخر لخدمة التعليم وتطويره من أجل إيجاد بيئة تعليمية تكاملية تخدم الفرد والمجتمع والوطن، وذلك من منطلق أن التعليم مسؤولية كل فرد من أفراد الوطن.
صحيفة الاقتصادية
أضيف بتاريخ :2017/05/07