كيف تتحدد الأسعار من خلال العرض والطلب؟
د. صالح السلطان
بما أن التضخم يعني الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار، وبعبارة أخرى مكافأة الانخفاض المستمر في قيمة النقود، فمن البدهي أن يرتبط تفسير التضخم بفهم الأسعار والنقود. ومن ثم فمن المفيد إعطاء خلفية بسيطة ومختصرة عن كيفية تحديد الأسعار من خلال قانون العرض والطلب.
الأسعار: مبادئ العرض والطلب
مشكلة النظرية الاقتصادية الأولى هي محاولة العثور على توازن بين نوعين متضادين من الحوافز "العرض والطلب".
قاموس بالجريف
من طبيعة الأسعار أنها في حالة تغير باستمرار، ولدى علم الاقتصاد أداة مفيدة وفعالة لتفسير التغيرات التي تطرأ على الأسعار، وهي "نظرية الطلب والعرض". والطلب مصدره المشترون والعرض مصدره المنتجون أو البائعون.
الطلب: العلاقة العكسية بين الأسعار والكمية المطلوبة
هناك علاقة عكسية بين الأسعار والكميات المطلوبة من السلع عندما تبقى الأوضاع الأخرى على حالها. شرط بقاء الأوضاع الأخرى على حالها يعني أنه ممكن أن يرتفع الطلب على سلع، خلال فترة كذا، رغم ارتفاع أسعارها خلال الفترة نفسها، بسبب عامل خارجي مثل ارتفاع الدخول أو تغير الأذواق أو الظروف الموسمية مثلا.
من المهم جدا أن يفهم أن المقصود بالكميات المطلوبة الكميات التي يرغب المستهلكون "وبصفة أعم المشترون" فعلا في دفع مقابل لها، وليس مجرد حب الحصول عليها.
العرض: العلاقة الطردية بين الأسعار والكمية المعروضة
العلاقة طردية بين سعر السلع والكمية التي يرغب المنتجون في إنتاجها وبيعها عندما تبقى الأشياء الأخرى على حالها.
لماذا هي كذلك؟
المنتجون يرغبون في الحصول على الربح، ومن ثم فكلما كانت الفرصة في تحقيق ربح أعلى رغبوا في إنتاج مزيد، والعكس بالعكس: كلما ضعفت الفرصة لتحقيق ربح، رغبوا في إنتاج أقل.
ما سبق هو خلاصة العلاقة، وإلا فإن لها حيثيات وتفصيلات كثيرة لم أذكرها.
توازن العرض والطلب
يتفاعل العرض والطلب في السوق لمحاولة إيجاد توازن بينهما. وعند التوازن، يثبت السعر تقريبا. وعندما تتغير العوامل التي يعتمد عليها العرض أو الطلب، يتحرك العرض أو الطلب. ومن ثم تحدث تغيرات في توازن السوق من جهة السعر ومن جهة الكمية.
ما سبق تبسيط
الظواهر الاقتصادية، بطبيعة الحال، أكثر تعقيدا في العادة من التوضيحات السابقة، فالقوى الاقتصادية تعمل في آن واحد، وتعمل على تحريك كل من العرض والطلب آنيا. المفاهيم والتصورات السابقة لا تكفي لفهم هذه التعقيدات، ورغم ذلك فهي تبقى الأساس.
تأثير الهجرة مثال للتعقيدات في فهم المؤثرات
أجريت دراسات عديدة في الدول الصناعية على تأثير الهجرة ــ يشبه من وجوه كثيرة استقدام اليد العاملة للعمل في دول الخليج ــ إليها في الأجور في تلك الدول. الفهم المبدئي أن تدفق المهاجرين يزيد عرض اليد العاملة. وهذا يعني انخفاض أسعار اليد العاملة "الأجور".
هل يتحقق دوما هذا الفهم المبدئي؟
دلت دراسات في دول غربية على الهجرة تسببت في خفض الأجور في مدن ولم تتسبب في مدن. كيف؟ تلك الدراسات أجريت على مدن مثل ميامي ونيويورك التي شهدت موجات كبيرة من المهاجرين ولم تشهد هبوطا في الأجور، مقارنة بمدن ومناطق حضرية أخرى استوعبت مهاجرين أقل عددا، ولكن الأجور فيها انخفضت. الطلب على اليد العاملة في المجموعة الأولى قوي، بخلاف الثانية، ولذا فالأمر ليس متعلقا بقدر تحرك العرض فقط بسبب الهجرة، بل أيضا بقدر تحرك الطلب على اليد العاملة.
ما الذي يحدث للأجور لو زاد الطلب، وبقيت الأشياء الأخرى على حالها، مثلا لم تكن هناك هجرة أصلا؟
سيكون هناك عجز عمل، ما يضغط على الأجور لترتفع، ما يزيد عدد الراغبين في العمل، حتى الوصول إلى نقطة توازن جديدة. ارتفاع أجور العاملين في الشركات يتسبب في ارتفاع التكاليف التشغيلية. وتبعا لذلك ترفع الشركات عادة أسعار منتجاتها، كما تحاول اللجوء إلى حلول أخرى.
صحيفة الاقتصادية
أضيف بتاريخ :2017/07/10