ضرورة رؤية البحث العلمي
شاهر النهاري
أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم فوز العلماء: السويسري جاك دوبوشيه، والأمريكي يواكيم فرانك، والبريطاني ريتشارد هندرسون بجائزة نوبل في الكيمياء لعام 2017، تقديرا لجهودهم في تطوير مجهر الكتروني يساعد على تبسيط وتحسين تصوير الجزيئات الحيوية، وهو ما يمهد لآفاق جديدة في الكيمياء الحيوية.
كما حصل ثلاثة علماء أمريكيون على جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2017، وهم: راينر فاييس وباري باريش وكيب ثورن، نظير اكتشافهم موجات الجاذبية وتموجاتها في نسيج الزمكان، الذي كان كبيرهم، ألبرت أينشتاين قد أكد وجودها نظريا منذ قرن مضى.
وقد عملوا سنينا لإثباتها من خلال رصد الموجات الثقالية بالتداخل الليزري، أو ما يعرف بمشروع «ليغو»، والذي كان قد سجل أول ملاحظة تاريخية لموجات الجاذبية، في سبتمبر 2015.
وكان قد سبق ذلك أن أعلن معهد (كارولينسكا) السويدي المسؤول عن جائزة نوبل فوز ثلاثة علماء أمريكيين أيضا (جيفري هول ومايكل روزباش ومايكل يانغ) بجائزة نوبل للطب عام 2017، لاكتشافهم آليات جزيئية تتحكم في إيقاع الساعة الداخلية البيولوجية وإيضاح طريقة عملها، والتي
تجعل النبات والحيوان والبشر يتأقلمون مع الإيقاع البيولوجي لتعاقب الليل والنهار على كوكب الأرض.
وعلى ذكر الساعة البيولوجية، لا بد من ساعة لجلد الذات، وساعة للتندر بما يحدث بيننا، ومما لا يتوافق مع ساعة بيولوجية ولا جاذبية ولا مجهر.
ففي كل يوم يصلني، كما أعرف أنه يصلكم، رسائل عجيبة عن اكتشافات جديدة، وأدوية عظيمة يتم الإعلان عنها بطريقة (النصب العلني)، وتدور الرسائل، ويكثر المتحمسون ومن يحلفون بحقيقة وجدوى هذا الاختراع، ليسهلوا على النصاب الذي يترك رقمه على الرسالة التمكن من المخدوعين بمخترعه.
وكلنا نقابل أشخاصا من الشباب وكبار السن، يتحدثون عن حصولهم على براءات اختراع لأشياء معينة!
وعندما تطلب من أحدهم مزيدا من المعلومات، تكتشف أنه يتكلم عن اختراع تلفيقي، من تطبيقات وبرامج الكترونية موجودة أصلا، وربما يكون سرق بعضها، غير أنه للأسف يجد جهة فرعية تعطيه شهادة البراءة، بعد أن يدفع المعلوم!
جامعاتنا مقصرة، ولا تهتم بالبحث العلمي إلا من خلال أنشطة الفصل الدراسي، المنتهي بتحويلها للمستودعات.
ومراكز البحوث عندنا متساهلة في إعطاء البراءات لكل من جمع بين برنامجين أو أكثر، مما لا يعتبر مخترعا جديدا، فتقل قيمة الشهادة وقيمة من يعطيها.
رؤية 2030 التي أصبحنا نعلق عليها كل أمنياتنا، تدعونا للتأمل بأن يصبح للبحث العلمي الأصيل المؤسس الحقيقي مكان مرموق متناغم مع دول الغرب، يرعى العقل المخترع منذ بدايات الفصول الدراسية الأولى، ويرافقه برعاية ومتابعة مستمرة، حتى بلوغ علمه ومعرفته أسس ومواصفات المخترعات الحقة.
تعبنا من مخترعات العسل ، والحبة السوداء والشيح وركبة النملة ورجل العفريت، وتعبنا من برنامج يرن عندما تعطس، أو عندما تأكل لقمة أكثر من المطلوب، أو حتى من برنامج يطلب منك أن تهرش رأسك، عندما يقترب من رأسك برغوث!
نحتاج لمراكز بحوث علمية حقيقية متطورة، تقوم بما عجزنا عن الوصول إليه من خلال جامعات لا يهمها إلا الحفل الختامي، وما يقال في الإعلام عنها من وهم وجود البحوث العلمية النادرة، ورعايتها بتزامن وإمكانيات تعجز عنها بلاد الغرب.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2017/10/06