آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. منصور الجمري
عن الكاتب :
كاتب بحريني ورئيس تحرير صحيفة الوسط البحرينية

التحفظات على القانون الدولي


منصور الجمري ..

موافقة مجلس النواب في 5 أبريل/ نيسان 2016 برفع بعض التحفظات عن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، اشترطت أن يتم ذلك «من دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية».

التحفظات على مختلف أنواع الاتفاقيات الدولية ليست جديدة، وهي معلنة رسمياً، ولكن في الواقع أن هناك مسألة غير محسومة، وهي تتعلق بمدى أسبقية القانون الدولي على القانون المحلي. فالبحرين صادقت، مثلاً، على العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولكن القوانين المحلية المعمول بها ترقى على العهدين، وبالتالي فإنّ القانون الدولي يتحول إلى قضية نظرية أكثر منها واقعية.

الدولة الحديثة، بصورة عامة، عليها التزمات دولية، بحكم عضويتها في الأمم المتحدة، وتفصيلياً (وإلزامياً) بحكم الاتفاقيات والعهود التي تصادق عليها. والدول التي تتسنم زمام الريادة عالمياً تسعى إلى احترام وتنفيذ المواثيق الدولية التي تصادق عليها، بل وتضمنها في الدستور والقوانين من دون التباس، وتجعل لها الأولوية على أرض الواقع.

على أن كثيراً من الدول تعلن تحفظاتها على بعض بنود الاتفاقيات الدولية، وتتعذر بأنها «تمس السيادة الوطنية»، أو أنها «تمس الخصوصية الثقافية»، مثلاً، كالقول بأنها تتعارض مع الشريعة. هذان المدخلان لإعلان التحفظ (المسّ بالسيادة، والمسّ بالخصوصية) يستخدمان لتجاوز القانون الدولي، ولا سيما فيما يتعلق بحقوق الإنسان. ومؤخراً بدأت بعض الدول تعتدي حتى على الحقوق الأساسية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومن ثم تقول إن ما تقوم به «قرار سيادي».

إن هذا التعذر قد تكون له مشروعية أحياناً، ولكن في الأعم الأغلب يستخدم من أجل اختراق القانون الدولي، وعدم احترام المواثيق والمعاهدات الدولية، بل والاستخفاف بـ «الشرعة الدولية لحقوق الإنسان». وقد ذهب بعضهم لاعتبار الحديث عن ضرورة احترام حقوق الإنسان نوعاً من «المؤامرات» التي تحاك ضد هذه الدولة أو تلك.

إنّ التوجه العالمي يسير نحو سمو المرجعية الدولية على القوانين الوطنية، وهذا التوجه له أنصاره الذين يطالبون بملاءمة القوانين الوطنية مع الاتفاقيات الدولية. هذا التوجه العالمي يرفض ادّعاءات بعض الدول بحقها في انتهاك حقوق الإنسان تحت أي ذريعة. أمّا مسألة «الخصوصية الثقافية»، فهذه بحاجة إلى حوار معمق يعتمد أسساً أكثر حضارية.

صحيفة الوسط البحرينية

أضيف بتاريخ :2016/04/11

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد