#تقرير_خاص : من يرسم علاقات السعودية مع الدول.. النفط أم الاقتصاد؟
رائد الماجد...
أصبح النفط مصدر توتر في العلاقات السعودية الأمريكية، وقد أعادت الأحداث الأخيرة إلى الأذهان المقاطعة النفطية العربية للغرب خلال حرب 1973، مما خلق نقصاً هائلاً وطوابير طويلة في محطات الوقود في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
وتكون التوترات السعودية الأمريكية سيئة للغاية بالنسبة لأي إدارة أمريكية قبل موسم الانتخابات سواء كانت رئاسية أو نيابية.
وتاريخياً، دعا كل رئيس أمريكي، سواء كان ديمقراطياً أو جمهورياً، السعودية لإنتاج المزيد من النفط؛ لضمان ألا يصبح ارتفاع أسعار البنزين قضية ملحة تؤثر على صناديق الاقتراع.
وتباينت الاستجابة السعودية اعتماداً على حالة السوق في ذلك الوقت، وأحياناً حالة العلاقات الشخصية بين الرئيس الأمريكي والملك السعودي، وكان هناك عامل آخر هو التصميم السعودي على تقويض أي محاولة -من الداخل أو الخارج - لكسر قيادتها لمنظمة "أوبك".
وجعلت هذه العوامل المتضاربة من الصعب تحديد ماذا يقود السياسات السعودية، هل السياسة أم الاقتصاد أم ربما مزيج من كليهما؟
ولعقود من الزمن، ظلت السعودية قادرة على أن تملي لوحدها أسعار النفط إلى حد كبير لأنها كانت أكبر قدرة إنتاجية في العالم (12 مليون برميل في اليوم) ولا تزال حتى يومنا هذا عضو "أوبك" صاحب أكبر سعة احتياطية بواقع مليون إلى مليوني برميل في اليوم، وأبقى ذلك السعودية بمثابة "البنك المركزي" في عالم النفط بلا منازع.
وبدأ هذا الوضع البارز في التغير في فترة الانتخابات الرئاسية لعام 2004، عندما كان الرئيس" جورج دبليو بوش" مرشحاً رئاسياً ضد السناتور "جون كيري"، حيث سعى الملك "فهد" إلى مساعدة "بوش" على الفوز من خلال زيادة إنتاج النفط السعودي بمليوني برميل يوميا.
وحينها، دعت السعودية "أوبك" إلى زيادة الإنتاج بهذا المقدار بشكل جماعي وأعلنت أنها سترفع هذه الكمية لوحدها إذا رفض أعضاء "أوبك" الآخرون المشاركة، وهو ما فعلته.
لكن أسعار النفط استمرت في الارتفاع حينها وكسرت حاجز الـ 50 دولاراً، حتى مع إعلان المسؤولين السعوديين أن سعر السوق يجب أن ينخفض إلى حوالي 20 دولاراً للبرميل.
وجاءت الصدمة الثانية لسيادة النفط السعودية بعد عقد من الزمان، عندما أتقن منتجو النفط الأمريكيين تقنية جديدة للتنقيب عن النفط معروفة باسم التكسير والتي دفعت الولايات المتحدة فجأة إلى رتبة واحدة من أفضل 3 منتجين في العالم، إلى جانب السعودية وروسيا، وقبل جائحة "كوفيد-19" في مارس/آذار 2020، أصبحت الولايات المتحدة هي الرائدة.
الطريقة الوحيدة التي كان يمكن أن تحتفظ بها السعودية بنفوذها وقيادة "أوبك" هي التحالف مع روسيا، وهي الدولة التي تمتلك فيها الحكومة نفوذا كبيرا على كافة شركات الطاقة، وكانت النتيجة إنشاء تحالف موسع للمنتجين في عام 2016 بين "أوبك" و10 منتجين آخرين بقيادة روسيا، والمعروف اليوم باسم "أوبك+".
وبالرغم من الخلاف الأولي حول مستويات الإنتاج بين السعودية وروسيا، فقد تماسك التحالف؛ وحاليا تعد قرارات هذا التكتل بيد كل من ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" والرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" إلى حد كبير.
ما زال هناك غموض حول ما إذا كان الاقتصاد أم السياسة هي التي قادت قرار "أوبك+" الأخير، وذلك لأن الطلب العالمي تقلب بشكل كبير مع تعثر الاقتصاد الصيني، لك قرار "أوبك+" سواء كان هذا قراراً سياسياً أم اقتصادياً، إلا أنه كان بلا شك خبراً سيئاً للغاية بالنسبة لـ"بايدن" وخبرا جيداً جداً بالنسبة لـ"بوتين".
أضيف بتاريخ :2022/10/27