#تقرير_خاص: الرياض عاصمة البيئة العربية: تناقض صارخ بين الألقاب والواقع البيئي
رضوى العلوي
في خطوة تبدو مفارقة كبيرة، تم تتويج الرياض بلقب «عاصمة البيئة العربية» لمدة عامين، على الرغم من التحديات البيئية الكبيرة التي تواجهها السعودية في ظل توسعها المتواصل في صناعة النفط وزيادة اعتمادها على الوقود الأحفوري.
القرار جاء خلال فعاليات الدورة الـ 35 لمجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة، وهي مناسبة كانت لتكون فرصة لاستعراض الجهود البيئية الفعلية، إلا أن الواقع يكشف صورة مختلفة تماماً.
السعودية، ورغم تعهداتها البيئية العلنية، لا تزال من أكبر منتجي النفط في العالم، وتواصل تكثيف جهودها لاستخراج الوقود الأحفوري دون أي مؤشرات على التراجع عن هذه السياسة، في الوقت الذي تتجه فيه دول العالم نحو تبني سياسات طاقة مستدامة، اختارت الرياض زيادة مشترياتها من زيت الوقود لأعلى مستوى منذ سنوات، مما يزيد من انبعاثات الكربون ويساهم في تفاقم أزمة التغير المناخي.
هذه السياسات لا تتوافق بأي حال مع ما يتطلبه الدور الريادي في حماية البيئة، فما يشهده العالم اليوم من كوارث مناخية يتطلب تغييراً جذرياً في السياسات المعتمدة على الوقود الأحفوري، من المثير للدهشة أن المملكة لم تُبدِ أي نية حقيقية للتحول نحو الطاقة النظيفة أو حتى البدء في تقليل اعتمادها على النفط، بل إن وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، صرّح علناً أن المملكة لن توافق على أي خطة للاستغناء التدريجي عن النفط، مما يؤكد استمرارية المملكة في النهج نفسه.
ورغم حملات الترويج الواسعة التي تقوم بها السعودية لتحسين صورتها على الصعيد الدولي، عبر استضافة الفعاليات الترفيهية والحفلات الغنائية، يبقى الواقع البيئي للمملكة متناقضاً مع هذه الجهود. بينما تحاول السعودية استخدام القوة الناعمة لجذب الانتباه وتغيير التصورات العالمية عن دورها، لا يمكن لهذه الأحداث أن تحجب الحقيقة المزعجة المتمثلة في أن المملكة ما تزال أحد أكبر المساهمين في التلوث البيئي العالمي.
تسليط الضوء على السعودية بصفتها عاصمة البيئة العربية لا يبدو إلا محاولة للتستر على الإخفاقات البيئية التي تعاني منها البلاد. فالواقع يكشف عن فجوة عميقة بين الادعاءات البيئية والسياسات المطبقة على أرض الواقع. لا يمكن أن يكون الاستمرار في تصدير النفط وتوسيعه سبباً للاحتفال في الوقت الذي يعاني فيه العالم من آثار التغير المناخي المدمرة.
في نهاية المطاف، يتبقى السؤال الكبير: كيف يمكن أن تكون عاصمة البيئة العربية هي ذاتها الدولة التي تستبعد أي خطة للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري؟ يبدو أن الزمن وحده سيكشف إلى أي مدى تستطيع المملكة تحقيق توافق بين سياساتها الاقتصادية والبيئية، ولكن إلى الآن، يبقى التناقض هو العنوان الأبرز.
أضيف بتاريخ :2024/10/23