#تقرير_خاص: بين السياسة والإعلام.. إلى أين يتجه الموقف السعودي من قضية فلسطين؟
فاطمة مويس
في خضم التصعيد الأخير في غزة، ومع استمرار معاناة الشعب الفلسطيني تحت القصف، يلفت الصحفي الأميركي المعروف بوب وودورد الانتباه إلى ما يمكن وصفه بأنه تغيير في توجهات بعض الأنظمة العربية نحو القضية الفلسطينية. يطرح وودورد في كتابه "الحرب" رؤية مثيرة للجدل حول موقف السعودية، كاشفاً عن تصريحات لقادة سعوديين تؤكد توجهات سياسية جديدة قد تقرب المملكة من التطبيع مع إسرائيل، لكن تحت شروط ظاهرية قد يراها البعض محاولة لتخفيف وطأة الانتقادات.
ما بين التصريحات والواقع:
يشير وودورد إلى تصريح نسبه إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، حيث قال إنه يحتاج إلى إنشاء دولة فلسطينية قبل المضي في تطبيع العلاقات مع إسرائيل. من هذا المنظور، يبدو أن السعودية تحاول موازنة رغبتها في توطيد علاقاتها مع إسرائيل، مع ضرورة تبرير هذه الخطوة على الساحة الداخلية والخارجية.
ولكن، في تصريح آخر منسوب إلى وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، يعبر عن "تحذيرات" كانت قد وجهتها السعودية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن "خطر" جماعات مثل حماس، ويشير إلى وجود توافق في بعض المواقف الأمنية. هذه التصريحات تجعلنا نتساءل: هل هذا هو النهج الذي يقود السعودية إلى القبول الضمني برواية إسرائيلية محضة حول المقاومة الفلسطينية؟
الإعلام السعودي وسردية الحرب:
يلعب الإعلام السعودي، وعلى رأسه قناة "العربية"، دوراً كبيراً في صياغة السردية المطروحة للجمهور. لوحظ تغيّر واضح في اللغة المستخدمة، حيث تم تجنب مصطلحات تُظهر التعاطف مع القضية الفلسطينية، مثل استبدال كلمة "الشهداء" بـ"القتلى" وتقليل استخدام كلمة "المقاومة". هذه التغييرات، التي قد يراها البعض دقيقة في ظاهرها، تحمل دلالات كبيرة تعكس توجهاً نحو تبرير الرواية الإسرائيلية بشأن حربها في غزة.
إلى أين تتجه السياسة السعودية؟
ليس من السهل الحديث عن نوايا السعودية الحقيقية وسط تقلبات سياسية واجتماعية واسعة تشهدها المنطقة. فمن جهة، يبدو أن هناك محاولات لتحسين العلاقات مع إسرائيل، خاصة في ظل التغيرات العالمية والإقليمية وضغوط الولايات المتحدة. ومن جهة أخرى، تعكس التصريحات الرسمية والمساعي الدبلوماسية ظاهرياً الحرص على حقوق الفلسطينيين وضرورة إقامة دولتهم.
إلا أن الواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، ومعاناة غزة جراء القصف، يجعل التساؤل عن مدى جدية هذه التوجهات مشروعاً. كيف ستؤثر هذه التحركات على مسار الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي؟ وهل يمكن أن تتصالح الشعوب العربية مع هذه السياسات التي تبدو منحازة لرواية إسرائيل في قضايا مفصلية؟
تبقى الأسئلة حول جدوى هذا المسار مفتوحة. فإذا كانت السعودية تسعى حقاً لدعم القضية الفلسطينية، فقد يكون دعم الشعب الفلسطيني وتخفيف معاناته أولى من أي اتفاقيات تطبيع. وعلى عكس ما تروجه وسائل الإعلام، يبقى على الدول العربية إعادة النظر في مواقفها ودورها التاريخي في نصرة الحقوق الفلسطينية، حفاظاً على مصداقيتها أمام شعوبها.
أضيف بتاريخ :2024/11/04