#تقرير_خاص: تناقضات الإعلام: صرخات المعتقلين في السجون السعودية تُخنق تحت وطأة النسيان

فاطمة مويس
تُعتبر قضايا حقوق الإنسان من أبرز المواضيع التي تستقطب اهتمام وسائل الإعلام، خاصة في ظل الأزمات السياسية والإنسانية. ومع اندلاع الثورة السورية، تزايدت التقارير حول الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون في السجون السورية، مما دفع العديد من وسائل الإعلام، بما فيها تلك السعودية، إلى تسليط الضوء على هذه القضية. لكن ما يثير الاستغراب هو تجاهل هذه الوسائل للانتهاكات المماثلة التي تحدث داخل سجون المملكة نفسها.
تُظهر التقارير المتعددة أن سجون النظام السعودي، مثل سجن الحاير وسجن مباحث الدمام وسجن ذهبان، تعاني من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. فالمعتقلون هناك يتعرضون للتعذيب الجسدي والنفسي، ويعانون من سوء التغذية والإهمال الطبي. ورغم ذلك، لا نجد تغطية إعلامية كافية لهذه القضايا في وسائل الإعلام المحلية.
إن هذا التناقض يطرح تساؤلات عدة حول معايير التغطية الإعلامية وأسباب انتقائية تناول القضايا الإنسانية. هل يُعتبر التعاطف مع المعتقلين في الخارج أكثر أهمية من أولئك الذين يعانون داخل الوطن؟ أم أن هناك اعتبارات سياسية وإعلامية تمنع تناول هذه القضايا بشكل جاد؟
من المؤسف أن تُختزل معاناة المعتقلين السعوديين في صمت مطبق بينما تُرفع أصوات المعاناة الأخرى إلى عنان السماء. إن هذا الصمت لا يعكس فقط غياب العدالة بل يُظهر أيضاً انعدام الشجاعة لمواجهة الحقائق المؤلمة التي يعيشها الكثيرون خلف القضبان.
يجب على وسائل الإعلام أن تتحلى بالشجاعة لتناول جميع قضايا حقوق الإنسان بموضوعية وشفافية. فالمعتقلون في السجون السعودية هم أيضاً بشر يستحقون التعاطف والاهتمام، تماماً كما هو الحال مع المعتقلين في أي مكان آخر.
إن تجاهل الانتهاكات داخل البلاد لن يُخفف من وطأتها أو يقلل من تأثيرها على المجتمع. بل إن الاستمرار في هذا النهج سيؤدي إلى تفشي ثقافة الإفلات من العقاب ويزيد من معاناة الضحايا وعائلاتهم.
في النهاية، يجب أن تكون رسالة الإعلام واضحة: لا مكان للتمييز بين الضحايا بناءً على الموقع الجغرافي أو الظروف السياسية. فكل صوت يُختنق خلف القضبان يستحق أن يُسمع وأن يُدافع عنه بغض النظر عن هويته أو مكانه. إن الوقت قد حان لتكون قضايا حقوق الإنسان أولوية حقيقية تتجاوز الحدود والمصالح السياسية.
أضيف بتاريخ :2024/12/16