#تقرير_خاص: أزمة العمرة: بين الغلاء والهوية الثقافية

عبدالله القصاب
تواجه العمرة في الآونة الأخيرة أزمة حادة تتجلى في ارتفاع الأسعار والرسوم المفروضة على المعتمرين، مما يثير تساؤلات حول السياسات الاقتصادية والاجتماعية للنظام السعودي. فقد أظهرت التقارير أن أسعار تذاكر الطيران شهدت زيادة غير مسبوقة، حيث ارتفعت من 2000 ريال إلى 4000 ريال، أي بزيادة تصل إلى 100%. هذا الارتفاع ليس مجرد رقم، بل هو مؤشر على أزمة أكبر تتعلق بالوصول إلى الحرمين الشريفين.
إن هذه الزيادة في الأسعار لا تقتصر فقط على تذاكر الطيران، بل تشمل أيضًا تكاليف الإقامة في الفنادق التي تحتكرها عائلات معينة. فمعظم الغرف الفندقية مملوكة لعائلة آل سعود، مما يجعل المنافسة شبه معدومة ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر. هذا الوضع يضع المعتمرين أمام تحديات مالية كبيرة قد تمنع الكثيرين منهم من أداء مناسكهم.
في الوقت الذي تُفرض فيه هذه الرسوم المرتفعة على المعتمرين، نجد أن النظام السعودي يسهل الوصول إلى فعاليات ثقافية وسياحية أخرى تتعارض مع الهوية العربية والإسلامية. هذا التوجه يعكس استراتيجية محمد بن سلمان في محاولة تغيير هوية البلاد وإبعادها عن الدين التقليدي. إن السياحة الدينية تشكل حجر الزاوية للاقتصاد السعودي، ولكن يبدو أن هناك صراعًا بين الأهداف الاقتصادية ورؤية 2030 وبين الحفاظ على الهوية الإسلامية.
يعتبر الكثيرون أن هذه السياسات تعكس عدم احترام لحقوق المسلمين الراغبين في زيارة الأماكن المقدسة. فبدلاً من تسهيل الوصول وتعزيز السياحة الدينية، يتم فرض قيود مالية تجعل العمرة حلمًا بعيد المنال للكثيرين. وهذا يتناقض مع القيم الإسلامية التي تدعو إلى تسهيل العبادة وتيسير الأمور للمسلمين.
إن ما يحدث اليوم هو نتيجة لصراع داخلي بين الرغبة في تحقيق أهداف اقتصادية وبين الحفاظ على القيم الدينية والثقافية. فالسياحة الدينية ليست مجرد مصدر دخل؛ بل هي جزء من الهوية الثقافية والدينية للأمة الإسلامية. لذا يجب إعادة النظر في السياسات الحالية لضمان عدم تفويت الفرصة على المسلمين لأداء مناسكهم.
في النهاية، يجب أن يكون هناك توازن بين الأهداف الاقتصادية والحفاظ على الهوية الثقافية والدينية للبلاد. إن تعزيز السياحة الدينية يجب أن يكون أولوية وليس عبئًا ماليًا إضافيًا على المعتمرين. فالعمرة ليست مجرد رحلة سياحية؛ إنها تجربة روحية تعزز الروابط بين المسلمين وتعيدهم إلى جذورهم الثقافية والدينية.
إذا استمرت هذه السياسات دون تغيير، فإننا سنشهد تآكلًا تدريجيًا للهوية الإسلامية وللروحانية التي تمثلها العمرة والحج. لذا فإن الأمر يتطلب وقفة جادة من جميع الأطراف المعنية لإعادة تقييم الوضع وضمان حقوق المعتمرين والزوار بشكل عام.
أضيف بتاريخ :2025/03/27