#تقرير_خاص: الإمارات تُحرّض وأمريكا تتريّث... والسعودية تخشى نيران الحوثي

عبدالله القصاب
في تطورٍ جديد يُسلط الضوء على التعقيدات المتزايدة في الملف اليمني، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال عن طرح إماراتي لواشنطن يقضي بشن عملية برية واسعة ضد مناطق سيطرة حركة أنصار الله. ورغم أن الولايات المتحدة لم تتخذ قرارًا نهائيًا بعد، إلا أن انفتاحها على الفكرة يثير تساؤلات حول الدوافع الحقيقية لهذه الخطوة، خاصة في ظل تقاطع مصالح إقليمية ودولية في المنطقة، أبرزها المصلحة الإسرائيلية التي تسعى لتجفيف منابع الدعم للمقاومة الفلسطينية.
يأتي هذا الطرح في ظل تصاعد الدعم العسكري اليمني لقطاع غزة، ما أثار قلقًا في الأوساط الغربية والإسرائيلية من استمرار العمليات اليمنية في البحر الأحمر، والتي أربكت الملاحة البحرية وأثرت على مصالح اقتصادية كبرى. الإمارات، التي لعبت دورًا محوريًا في التحالف العسكري ضد اليمن منذ بدايته، تحاول اليوم استغلال اللحظة لإعادة ترتيب أوراقها على الأرض، عبر وكلاء محليين في عدن ومحيطها.
الخطة، وفق الصحيفة الأميركية، تقضي بدفع فصائل جنوبية موالية للإمارات باتجاه ميناء الحُديدة، أحد أهم الشرايين البحرية في اليمن. غير أن الحسابات العسكرية على الورق لا تعني بالضرورة نجاحًا ميدانيًا، خصوصًا إذا ما قُدّر لأنصار الله أن يستخدموا ترسانتهم المتقدمة من الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية في ردع أي هجوم بري.
ما يثير الانتباه أيضًا هو الموقف السعودي الذي اتسم بالحذر. فبينما تدفع الإمارات باتجاه مغامرة برية جديدة، تبدو الرياض أكثر وعيًا بتكلفة أي تصعيد، خاصة وأنها اختبرت لسنوات قوة الردع الحوثية التي وصلت إلى عمق أراضيها، ولم تعد تملك ترف المغامرة بمواجهة مفتوحة دون حسابات دقيقة.
هذا التباين في المواقف الخليجية يعكس تصدعات داخل التحالف السعودي الإماراتي، الذي طالما تفاخر بوحدته في بداية الحرب. واليوم، بعد أكثر من ثماني سنوات، تقف الإمارات وحدها على خط المواجهة، مدفوعةً بأجندة تتقاطع مع الرؤية الأميركية والإسرائيلية لضرب أحد أبرز حلفاء المقاومة في المنطقة.
في المقابل، جاءت تصريحات عضو المكتب السياسي لأنصار الله، محمد البخيتي، لتؤكد استعداد الحركة لخوض حرب على ثلاث جبهات: داخلية، إقليمية، ودولية، إن اقتضى الأمر. ما يعني أن أي مغامرة برية قد تفجّر حربًا أوسع من قدرة التحالف على احتوائها، وربما تجرّ الإقليم إلى مواجهات مفتوحة لا تُعرف نهايتها.
المثير هنا هو التوقيت، إذ تحاول الإمارات تحريك المعركة برًا في لحظة يُجمع فيها العالم الإسلامي على مناصرة غزة، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة لضرب حالة الزخم الشعبي والسياسي التي خلقتها العمليات اليمنية الداعمة للقضية الفلسطينية.
في المحصلة، يبدو أن الإمارات تُقْدِم على تحريض واشنطن لإشعال فتيل حرب جديدة في اليمن، فيما تُفضل السعودية الانكفاء، مدفوعةً بتجارب الماضي المريرة. أما اليمن، الذي يقف اليوم في قلب المعادلة الإقليمية، فيبدو أكثر استعدادًا لاستخدام كل أوراقه في الدفاع عن موقفه، سواء في الداخل أو دعماً لغزة.
أضيف بتاريخ :2025/04/16