#تقرير_خاص: السعودية وإعادة رسم خريطة المنطقة: هل تنهي الحرب على غزة وتفتح أبواب التطبيع؟

علي الزنادي
تتصاعد الأحداث في المنطقة بشكل غير مسبوق، حيث تسعى السعودية إلى لعب دور محوري في إنهاء الحرب على غزة، وهو مسعى يحمل في طياته أبعادًا استراتيجية وسياسية عميقة. فالسعودية، التي لطالما كانت رمزًا للموقف العربي الثابت من القضية الفلسطينية، تبدو اليوم أكثر استعدادًا للتحرك نحو تحقيق تفاهمات قد تفضي إلى استقرار المنطقة، ولكن ليس على حساب مصالحها أو مبادئها.
وفي ظل محادثاتٍ تكاد تكون غير معلنة النتائج، عادت قضية “إنهاء الحرب” في غزة إلى الواجهة من جديد. إلا أن الواقع يظل معقدًا، إذ يصعب التوصل إلى اتفاق بين حركة “حماس” وكيان الاحتلال الإسرائيلي، خاصة مع استمرار التحديات الأمنية والسياسية. ومع ذلك، فإن المساعي السعودية تأتي في سياق محاولة لخلق بيئة مناسبة لوقف إطلاق النار، ربما كمدخل لتطبيع العلاقات مع تل أبيب.
السعودية لا تخفي أن هدفها ليس فقط دعم الفلسطينيين وإنما أيضًا فتح صفحة جديدة مع إسرائيل. فوسائل الإعلام الإسرائيلية كشفت عن مساعٍ حثيثة من قبل المملكة لتحقيق تطبيع تدريجي مع الكيان الإسرائيلي، رغم أن بعض المراقبين يرون أن مثل هذه الخطوة لا تزال بعيدة المنال وتواجه العديد من العقبات الداخلية والإقليمية.
وفي سياق متصل، ربط رئيس منظمة “شراكة” الإسرائيلية دان فيفرمان نهاية الصراع العربي-الإسرائيلي بتوقيع المملكة على اتفاقية تطبيع كاملة. هذا التصريح يعكس تصورًا لدى بعض الأطراف بأن التطبيع السعودي سيكون بمثابة نقطة تحول جوهرية في المنطقة، وربما يغير موازين القوى ويعيد رسم خريطة التحالفات.
وفي الوقت ذاته، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن السعودية ستنضم إلى الدول التي وقعت على اتفاقيات أبراهام عام 2020، والتي شملت الإمارات والبحرين والمغرب والسودان. هذا الإعلان يعكس رغبة إدارة ترامب في دفع عملية التطبيع قدماً ويضع السعودية أمام خيار استراتيجي مهم خلال زيارته المرتقبة للرياض.
من المتوقع أن يطرح ترامب خلال زيارته صفقةَ التطبيع السعودي-الإسرائيلي بشكل رسمي أو على الأقل يلمح إليها بشكل واضح. وإذا ما تم ذلك فعلاً، فإن المنطقة ستكون أمام مرحلة جديدة تتسم بتغيرات جذرية في موازين القوى والتحالفات الإقليمية والدولية.
لكن السؤال الأهم هو: هل ستنجح السعودية في تحقيق أهدافها المتمثلة في إنهاء الحرب على غزة وفتح أبواب التطبيع؟ أم أن العقبات الداخلية والخارجية ستظل عائقًا أمام تحقيق هذه الرؤية الطموحة؟ الواقع يشير إلى أن الطريق لن يكون سهلاً؛ فهناك مصالح متشابكة وأطراف متعددة لها رؤاها ومصالحها الخاصة.
وفي النهاية، يبقى المشهد مفتوحًا على احتمالات متعددة؛ فالسعودية تسعى لإعادة ترتيب أوراقها السياسية والاقتصادية والأمنية بما يخدم مصالحها الوطنية والإقليمية. وإذا ما نجحت في ذلك عبر خطوات محسوبة ومدروسة، فقد تكون بداية لعصر جديد من السلام والتفاهمات التي طال انتظارها.
لكن الأمل يبقى مرهونًا بمدى قدرة الأطراف المعنية على تجاوز خلافاتها والتوصل إلى حلول واقعية تضمن استقرار المنطقة وتحقيق مصالح شعوبها. فهل تكون السعودية هي المفتاح الذي يفتح أبواب السلام الحقيقي أم مجرد محطة أخرى ضمن لعبة السياسة الكبرى؟ الزمن كفيل بالإجابة.
أضيف بتاريخ :2025/04/29