#تقرير_خاص:أزمة الكهرباء في السعودية: تجاهل المعاناة وتدهور الخدمات

عبدالله القصاب
تُعَدّ مشكلة انقطاع التيار الكهربائي وتردي خدمات المياه من أبرز التحديات التي تواجه المواطنين السعوديين في الوقت الراهن، خاصة مع تزايد الشكاوى وتفاقم الأزمة بشكل ملحوظ. فوفقًا للإحصائيات الرسمية، سجلت أكثر من 38 ألف شكوى تتعلق بسوء خدمات المياه، بينما بلغت شكاوى الكهرباء حوالي 15 ألفًا خلال عام 2023 فقط، وهو مؤشر واضح على أن الوضع يتجه نحو التصعيد وليس التحسن.
من بين أبرز المشكلات التي يعاني منها المواطنون، تكرار انقطاع التيار الكهربائي الذي يهدد حياة الكثيرين ويؤثر على استقرارهم اليومي. منطقة جيزان تصدرت قائمة المناطق الأكثر تضررًا بمعدل 3.84 انقطاع لكل مستهلك، تليها نجران بمعدل 2.52 انقطاع، وهو ما يعكس ضعف البنية التحتية وعدم كفاءة إدارة الشبكات الكهربائية في تلك المناطق.
وفي ظل هذه الظروف، أطلق العديد من المواطنين نداءات استغاثة عبر منصات التواصل الاجتماعي، يروون فيها معاناتهم من الانقطاعات المتكررة التي تستمر لساعات طويلة وسط درجات حرارة مرتفعة جدًا. أحد هؤلاء المواطنين عبّر عن استيائه من تجاهل الشركة السعودية للكهرباء لمطالبهم واحتياجاتهم الملحة، مما يزيد من إحساسهم بالإهمال والتجاهل الحكومي.
وفي محاولة لتبرير الأزمة، أعلنت الشركة السعودية للكهرباء عن بدء تنفيذ إجراءات فصل الخدمة تدريجيًا عن العدادات غير الموثقة اعتبارًا من 15 مايو المقبل، بحجة تحديث بيانات المشتركين. إلا أن هذا الإجراء يُثير تساؤلات حول مدى جدية الحلول المقترحة ومدى تأثيرها على حياة المواطنين الذين يعانون أصلاً من ضعف الخدمات.
الأمر الأبرز هنا هو أن هناك أزمة متجذرة تتعلق بالبنية التحتية وضعف الصيانة والتخطيط المستقبلي، وهي أمور لا يمكن حلها عبر إجراءات مؤقتة أو حملات إعلامية سطحية. فالمواطنون يشعرون بأن سلطاتهم لا تولي أهمية كافية لمشاكلهم اليومية، خاصة وأن هناك تركيزًا واضحًا على مشاريع تنموية تهدف إلى جذب السياح الأجانب دون الالتفات إلى تحسين جودة حياة السكان المحليين.
إن تجاهل هذه الأزمة يعكس خللاً في الأولويات الحكومية والجهود المبذولة لتحسين مستوى الخدمات الأساسية للمواطنين. فالمياه والكهرباء هما حقان أساسيان يجب أن يتوفر بهما المواطن بشكل مستدام وموثوق بهما، وليس مجرد خدمات مؤقتة أو محسوبة على حساب راحته وسلامته.
وفي النهاية، فإن الحلول الحقيقية تتطلب استثمارات جادة في البنية التحتية وتطوير شبكات النقل والتوزيع الكهربائية والمائية. كما ينبغي أن يكون هناك شفافية أكبر في التعامل مع الشكاوى والاستماع لمطالب المواطنين بشكل فعلي وفعّال.
ختامًا، إن استمرار تجاهل معاناة المواطنين لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة وزيادة الاحتقان الشعبي ضد الجهات المسؤولة. لذا فإن الوقت قد حان لإعادة ترتيب الأولويات والعمل على تحسين جودة الخدمات الأساسية بما يضمن حياة كريمة وآمنة للجميع في وطننا العزيز.
أضيف بتاريخ :2025/05/03