#تقرير_خاص: تحالفات جديدة في الشرق الأوسط: هل تتغير خريطة المنطقة على حساب القضية الفلسطينية؟

عبدالله القصاب
شهدت الأيام الأخيرة تداول صور لوحات إعلانية ضخمة في تل أبيب، تظهر تحالفات جديدة بين قادة عرب وإسرائيليين، وسط تفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي. هذه الصور، التي تتضمن زعماء من مختلف الدول العربية إلى جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تعكس توجهًا دبلوماسيًا متسارعًا نحو إعادة رسم ملامح التحالفات الإقليمية. فهل نحن أمام بداية فصل جديد من التطبيع والتقارب، أم أن هناك مخططات أكبر تُحاك على حساب مصالح الأمة العربية وفلسطين؟
تشير التحركات الدبلوماسية الأخيرة إلى أن واشنطن تسعى بشكل مكثف لإدخال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في مسار تطبيع تدريجي مع إسرائيل. فبعد حرب غزة وما أفرزته من ظروف مواتية لإعادة ترتيب التحالفات، يبدو أن هناك رغبة واضحة في استثمار هذا الظرف لتحقيق اختراقات سياسية مهمة. تصريحات نتنياهو حول “فرصة تاريخية لتوسيع اتفاقات إبراهيم” ودعوة مبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف لإعلان انضمام دول جديدة، تؤكد أن الضغوط الأميركية تتجه نحو دمج المزيد من الدول العربية في مشروع “السلام بالقوة”.
وفي ظل هذا السياق، يجري إعداد القيادات السياسية والإعلامية لعرض هذه المصافحات والتحالفات الجديدة كإنجاز يُسهم في إنهاء الحروب والتفرغ للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. لكن السؤال الأهم هو: هل يُعد هذا التوجه خطوة إيجابية نحو السلام والاستقرار، أم أنه يعكس تحوّلًا خطيرًا يهدد جوهر القضية الفلسطينية ويعيد ترتيب المنطقة على حساب مصالح الأمة؟ فبدلاً من التركيز على حقوق الشعب الفلسطيني وتطلعاته، يبدو أن البوصلة تتجه نحو محور أميركي-إسرائيلي يهدف إلى استبدال الأولوية للقضية المركزية للأمة.
هذا التحول يعكس تغيّرًا جذريًا في مواقف بعض الأنظمة العربية التي كانت تعتبر القضية الفلسطينية جوهر وجودها ومرجعيتها. إذ يتم الآن استبدال البوصلة الفلسطينية بمحاور أخرى تركز على المصالح الاقتصادية والأمنية مع إسرائيل والولايات المتحدة. وهو ما يفتح الباب لمزيد من الانقسامات داخل الصف العربي ويضعف وحدة الموقف العربي تجاه القضية المركزية للأمة.
وفي الوقت الذي يتحدث فيه البعض عن “فرص تاريخية” للتعاون والتنمية، فإن الواقع يشير إلى أن هذه التحركات قد تأتي على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وتطلعاته للحرية والاستقلال. فالتطبيع السريع والمبكر مع إسرائيل لا يعبر عن سلام حقيقي قائم على العدالة والحقوق، بل عن تفاهمات سياسية وأمنية قد تؤدي إلى شرعنة الاحتلال وتقويض أي فرصة لتحقيق حل عادل وشامل.
وفي النهاية، يبقى السؤال مفتوحًا أمام الشعوب العربية: هل ستقبل بمزيد من التبعية والانقسامات تحت مسمى السلام والتنمية؟ أم أنها ستتمسك بمبادئها وحقوقها التاريخية وتعمل على توحيد صفوفها لمواجهة التحديات الكبرى؟ إن التاريخ يعلمنا أن الاستسلام للمشاريع الخارجية على حساب الثوابت الوطنية لن يؤدي إلا إلى مزيد من الهزائم والخسائر.
ختامًا، فإن ما يحدث اليوم يدعو إلى وقفة تأمل ومسؤولية جماعية؛ فالخطر الحقيقي يكمن في فقدان البوصلة وعدم الالتفات لقضيتنا المركزية التي تمثل جوهر وجودنا كأمة. علينا أن نعيد النظر في أولوياتنا وأن نعمل سويًا للحفاظ على حقوق
أضيف بتاريخ :2025/06/30