#تقرير_خاص: السعودية أمام مرآة حقوق الإنسان: إعدامات الإثيوبيين والصوماليين تثير القلق الدولي

علي الزنادي
تواجه المملكة العربية السعودية انتقادات واسعة على خلفية تقارير تؤكد قرب تنفيذ أحكام إعدام بحق أكثر من 50 من الوافدين الإثيوبيين والصوماليين، بتهم تتعلق بتهريب مواد مخدرة. هذه الأنباء تثير تساؤلات عميقة حول مدى توافق هذه الإجراءات مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، خاصة أن بعض التهم لا ترقى إلى مستوى العقوبات القصوى التي ينص عليها القانون الدولي.
موقع ميدل إيست آي أشار إلى أن السجناء المحتجزين في سجن نجران، بينهم 43 إثيوبيا و13 صوماليا، أبلغتهم إدارة السجن بأن الإعدامات قد تنفذ في أي لحظة، وأن السلطات بدأت بالفعل تنفيذها منذ عيد الأضحى الماضي، حيث أُعدم ستة سجناء خلال شهر واحد فقط. هذا التصعيد يثير مخاوف من أن تكون هناك حملة قمع غير مبررة تستهدف فئات معينة من المهاجرين.
المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان عبّرت عن قلقها العميق إزاء توسع تعريف "الجرائم المستوجبة للإعدام"، حيث لم تعد العقوبة مقتصرة على مهربي المخدرات الكبرى مثل الأمفيتامينات والكوكايين، بل تشمل الآن حيازة الحشيش، وهو تصعيد مرعب يعكس تدهوراً خطيراً في معايير العدالة وحقوق الإنسان.
الأمر الأكثر إثارة للقلق هو عدم منح العديد من المحكوم عليهم حق الدفاع القانوني أو معرفة محتوى الوثائق التي وقعوا عليها، والتي قد تكون اعترافات انتُزعت تحت التعذيب. شهادات داخل سجن نجران تكشف عن ممارسة التعذيب الجسدي والنفسي بشكل منتظم، وهو أمر يتنافى مع أبسط مبادئ العدالة وحقوق الإنسان.
وفي الوقت الذي تتفاقم فيه الانتهاكات داخل السجون، تتواطأ بعض السفارات الإفريقية، خاصة الإثيوبية، مع السلطات السعودية عبر التستر على ما يجري من انتهاكات. هذا التواطؤ يضع علامات استفهام حول مدى حماية حقوق مواطني تلك الدول الذين يقعون ضحايا لنظام قضائي يفتقر إلى الشفافية والعدالة.
هذه التطورات تضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية أخلاقية وقانونية لمراقبة الوضع عن كثب والعمل على وقف عمليات الإعدام الجماعية التي لا تتماشى مع المعايير الدولية. فالدفاع عن حقوق الإنسان لا يقتصر على الشعارات فقط؛ بل يتطلب ضغطاً فعلياً لضمان محاكمات عادلة واحترام كرامة كل إنسان بغض النظر عن جنسيته أو خلفيته.
وفي النهاية، فإن ما يحدث في السعودية يعكس أزمة أخلاقية وقانونية عميقة تتطلب مراجعة جذرية للسياسات والإجراءات القضائية والأمنية. حماية حقوق الإنسان يجب أن تكون أساس أي نظام قانوني يسعى لتحقيق العدالة والكرامة للجميع، وليس وسيلة لقمع فئات معينة أو تصفية حسابات سياسية أو اجتماعية.
على المجتمع الدولي أن يتحرك بسرعة لوقف هذه الموجة من الإعدامات غير القانونية وغير العادلة، وأن يضغط على السلطات السعودية لتوفير محاكمات شفافة وضمان حقوق المتهمين في الدفاع والمعرفة الكاملة بالتهم الموجهة إليهم. فالمسؤولية الأخلاقية تقع على عاتق الجميع للحفاظ على كرامة الإنسان ووقف نزيف الانتهاكات الجسيمة لحقوقه الأساسية.
أضيف بتاريخ :2025/06/30