#تقرير_خاص: اللقاء السري بين السعودية وإسرائيل: تطبيع ناعم يهدد الثوابت الوطنية

علي الزنادي
في خطوة غير متوقعة، كشفت وسائل الإعلام عن لقاء سري جمع بين وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان وسفير المملكة في واشنطن ريما بنت بندر مع الأسير الأميركي-الإسرائيلي إيدان ألكسندر داخل البيت الأبيض. هذا اللقاء، الذي لم يُعلن رسميًا، أثار العديد من التساؤلات حول نوايا المملكة وتوجهاتها المستقبلية في المنطقة. فهل هو مجرد تواصل إنساني أم بداية لمرحلة جديدة من التطبيع الخفي مع الاحتلال الإسرائيلي؟
ما يلفت الانتباه أن اللقاء تخلله نقاش باللغة العربية عن تجربة الأسر، بين ألكسندر وعائلته من جهة، والمسؤولين السعوديين من جهة أخرى. هذا التفصيل يعكس عمق العلاقة التي تربط بين الطرفين، ويؤكد أن الأمر يتجاوز مجرد لقاء عابر ليحمل دلالات أعمق على مسار تطبيعي غير معلن. في الوقت ذاته، تزامن الزيارة المرتقبة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، وسط حديث عن اتفاقيات تطبيع جديدة تشمل السعودية، يزيد من غموض المشهد ويثير مخاوف من تجاوز الإرادة الشعبية.
السعودية لطالما أعلنت دعمها للقضية الفلسطينية ورفضها التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي بشكل علني. لكن ما يحدث على أرض الواقع يوحي بعكس ذلك تمامًا؛ إذ تتصاعد الاتصالات واللقاءات السرية التي تتجاهل مطالب الشعوب وتخالف الثوابت الوطنية. هذا التناقض في الخطاب الرسمي يعكس ازدواجية واضحة في الموقف السعودي، حيث تدعي دعم القضية الفلسطينية بينما تفتح قنوات خلف الكواليس مع الكيان المحتل.
إن ما جرى يُسلط الضوء على نوع من التطبيع الناعم الذي يسير بخطى حثيثة بعيدًا عن الأضواء وعن إرادة المواطنين. فالتطبيع الخفي لا يقل خطورة عن التطبيع العلني؛ لأنه يمهد الطريق لسياسات وتفاهمات قد تؤثر سلبًا على حقوق الشعب الفلسطيني وعلى مواقف الدول العربية بشكل عام. وهو بمثابة استسلام تدريجي للضغوط الإسرائيلية والأميركية، دون أي اعتبار للموقف الشعبي الرافض لهذه السياسات.
هذه الأحداث تُبرز مدى التحدي الذي يواجهه العرب والمسلمون في الحفاظ على ثوابتهم الوطنية والقومية أمام محاولات التمويه والتلاعب بالمواقف الرسمية. فالتواصل السري مع الاحتلال يُعد خرقًا واضحًا لمبادئ التضامن العربي والدعم للقضية الفلسطينية، ويُهدد وحدة الموقف العربي والإسلامي تجاه القضية المركزية للأمة.
وفي ظل غياب موقف رسمي واضح وشفاف من قبل الرياض وواشنطن حول هذه اللقاءات والتوجهات الجديدة، يبقى الشارع العربي والمواطنون أمام مسؤولية كبيرة في مراقبة ومساءلة الحكومات عن مدى التزامها بالمبادئ والثوابت الوطنية. فالصمت أو التغاضي عن مثل هذه التحركات قد يؤدي إلى فقدان الثقة ودفع المنطقة نحو مزيدٍ من الانقسامات والتوترات.
ختامًا، فإن ما يحدث يُحذر من مخاطر التمادي في سياسة التطبيع الناعم التي تُدار خلف الأبواب المغلقة دون مشاركة شعبية أو استشارة حقيقية. فالموقف الوطني الحقيقي يتطلب وضوحًا وشفافيةً تضمن عدم التفريط بحقوق الأمة ومبادئها الأساسية مقابل مصالح آنية أو ضغوط خارجية. وعلى الجميع أن يقف صفًا واحدًا للحفاظ على ثوابتنا وعدم السماح بتمرير مشاريع تُهدد مستقبل قضيتنا المركزية فلسطين والأمة بأسرها.
أضيف بتاريخ :2025/07/10