التقارير

#تقرير_خاص: السعودية وادعاءات حماية الأطفال في الفضاء السيبراني: هل هي مجرد محاولة لتجميل الصورة؟  

عبدالله القصاب

في خطوة أثارت الكثير من التساؤلات، قدمت السعودية مشروع قرار بعنوان "حماية الطفل في الفضاء السيبراني" خلال اجتماع الدورة 59 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف. وعلى الرغم من أهمية حماية الأطفال في العالم الرقمي، إلا أن هذا الإعلان يثير الشكوك حول نوايا المملكة ومدى صدقيتها في مجال حقوق الإنسان.  

فالمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أبدت قلقها من أن هذا المشروع يأتي في سياق محاولة السعودية لتحسين صورتها الدولية، خاصة بعد سجلها الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان على مدى السنوات الماضية. إذ تشير التقارير إلى تنفيذ المملكة عمليات إعدام بحق ما لا يقل عن 12 قاصراً خلال العقد الأخير، وهو رقم يعكس مدى تدهور وضع حقوق الطفل داخل البلاد.  

وفي ظل هذه الحقائق المروعة، يصبح من الصعب تصديق أن مشروع القرار يهدف فعلاً إلى حماية الأطفال، خاصة وأنه يأتي بعد سنوات من القمع والاعتقالات التعسفية لمعتقلي رأي كانوا قاصرين عندما تم اعتقالهم أو إصدار أحكام ضدهم. فهناك تهديدات حقيقية لحياة هؤلاء الأطفال المعتقلين بالإعدام، بسبب مشاركتهم في تظاهرات سلمية وهم قاصرون.  

إن الحديث عن حماية الطفل في الفضاء السيبراني لا يمكن فصله عن الواقع الحقوقي داخل المملكة، حيث تتسم السياسات بقمع الحريات وانتهاك الحقوق الأساسية. فهل يمكن أن يكون هذا المشروع إلا مجرد إجراء شكلي يهدف إلى تحسين الصورة أمام المجتمع الدولي دون تغيير حقيقي على الأرض؟  

من الواضح أن السعودية تسعى منذ فترة لتجميل صورتها الدولية عبر تقديم مبادرات ظاهرها الخير وباطنها مصالح سياسية واستراتيجية. فمشاريع كهذه غالباً ما تكون جزءاً من حملة علاقات عامة تهدف إلى كسب الثقة الدولية وتخفيف الضغوط الحقوقية المفروضة عليها.  

وفي الوقت الذي تتحدث فيه المملكة عن حماية الأطفال، تستمر انتهاكات حقوق الإنسان داخلياً، مما يضع علامات استفهام كبيرة حول مدى جدية الحكومة في الالتزام بالمبادئ التي تدعو إليها على المستوى الدولي. إذ لا يمكن فصل الخطاب الرسمي عن الواقع الميداني الذي يشهد انتهاكات جسيمة واعتقالات تعسفية ضد معارضين وقاصرين على حد سواء.  

ختاماً، يبقى السؤال قائماً: هل ستتمكن السعودية من تحويل هذه المبادرات الشكلية إلى خطوات حقيقية نحو تحسين سجلها الحقوقي أم ستظل مجرد أدوات دعائية تستخدم لتجميل الصورة أمام المجتمع الدولي؟ إن الوقت كفيل بكشف نوايا أي دولة تظهر بمظهر المدافع عن حقوق الإنسان بينما تتجاهل معاناة أبنائها خلف الأبواب المغلقة.

أضيف بتاريخ :2025/07/13

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد