#تقرير_خاص: الازدواجية المؤلمة: حين تتحدث السعودية عن قبائل سورية وتهمش أبناءها في الداخل

علي الزنادي
في زمن تتصاعد فيه أصوات المطالبات بحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، تظهر فجوة عميقة بين الخطاب الرسمي والممارسات على أرض الواقع، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقبائل في السعودية. ففي الوقت الذي يُمدح فيه دور القبائل السورية ويُصوَّرون كرموز للانتماء والاستقرار، يُغض الطرف عن معاناة أبناء القبائل داخل المملكة، وتحديدًا فئة “البدون” التي تعيش في ظل التهميش والحرمان منذ عقود.
تُبرز وسائل الإعلام السعودية أحيانًا صورة مثالية للقبائل السورية، معتبرة إياها حاملة لراية الشرعية والوطنية، وهو أمر يثير الإعجاب والتقدير. لكن المفارقة أن هذا التقدير لا ينسحب على أبناء القبائل داخل السعودية أنفسهم، الذين يعانون من غياب أبسط الحقوق الأساسية. فهؤلاء لا يملكون جنسية رسمية، ولا أوراق ثبوتية تثبت هويتهم، مما يحول دون تمتعهم بحقوق التعليم والصحة والعمل والتنقل بحرية.
إن هذا التناقض الصارخ يعكس ازدواجية مقلقة في السياسات السعودية تجاه القبائل. فبينما يتم تصوير القبائل السورية كجزء من النسيج الوطني العربي ويُشاد بدورها في دعم الاستقرار، يُترك أبناء القبائل السعودية يعانون من التهميش والإقصاء داخل وطنهم. كيف يمكن أن يكون هناك اعتراف بدور قبلي خارجي ويُهمل داخليًا؟ وكيف يُشاد بمكانة القبيلة كرمز للهوية العربية بينما تُسحق داخل الحدود الوطنية؟
هذه الحالة تطرح تساؤلاً مشروعًا حول مدى صدقية الخطاب الرسمي الذي يدعي الدفاع عن الهوية والانتماء العربي. إذ أن استمرار هذا الواقع المزدوج يكشف عن سياسة غير عادلة تضعف الثقة بين الدولة وأبنائها من القبائل، وتُشوه صورة المملكة أمام العالم كمحافظ على تراثه وهويته.
كما أن تهميش أبناء القبائل “البدون” يهدد وحدة المجتمع واستقراره الداخلي، خاصة وأن هؤلاء يشكلون جزءًا أصيلًا من النسيج الاجتماعي والتاريخي للمملكة. إن إقصاء فئة مهمة من المجتمع يعمق الفجوة ويزيد من مشاعر الإحباط واليأس بين أفرادها.
وفي النهاية، فإن الصورة التي تقدمها السعودية عن قبائلها يجب أن تكون متسقة وواقعية؛ فالتقدير الخارجي لا ينبغي أن يكون مجرد خطاب إعلامي أو دعاية سياسية، بل يجب أن يترافق مع جهود حقيقية لمعالجة معاناة أبناء الوطن داخليًا. فالهوية العربية ليست مجرد كلمات تُقال أو صور تُعرض؛ إنها تتطلب احترام حقوق جميع مكونات المجتمع دون استثناء.
إن استمرار هذا التناقض المؤلم لن يخدم إلا مصالح سياسية قصيرة الأمد، وسيؤدي إلى فقدان الثقة بالمؤسسات الرسمية التي تدعي حماية الهوية والانتماء العربي. لذا، فإن الإصلاح الحقيقي يبدأ بمعالجة مظالم أبناء القبائل داخل الوطن وإعطائهم حقوقهم المشروعة ليكونوا جزءًا فاعلاً ومتكاملًا في بناء مستقبل المملكة.
أضيف بتاريخ :2025/07/22