#تقرير_خاص: المجاعة في غزة: هل يمكن للجهود الدولية أن توقف الكارثة دون إرادة أمريكية؟

عبدالله القصاب
تعيش غزة اليوم واحدة من أسوأ مراحلها الإنسانية، حيث بلغ الوضع مستوى غير مسبوق من التدهور، مع استمرار الحصار وعمليات المنع التي تفرضها إسرائيل على إدخال المساعدات الغذائية والطبية إلى القطاع. فثلث سكان غزة يُحرمون من الطعام لأيام متتالية، وهو وضع يهدد حياة الآلاف ويزيد من معاناة السكان الذين يعانون أصلاً من ظروف معيشية صعبة.
وفي ظل هذا الواقع المأساوي، أعلنت وزارة الصحة في غزة عن ارتفاع أعداد الضحايا بشكل مروع، حيث استقبلت المستشفيات خلال الـ24 ساعة الماضية 99 شهيداً وأكثر من 650 إصابة نتيجة استهداف المستفيدين من المساعدات. وبذلك، يرتفع إجمالي القتلى إلى أكثر من ألف شخص، فيما تتجاوز الإصابات الستة آلاف ونصف. هذه الأرقام تعكس حجم الكارثة الإنسانية التي تتفاقم يوماً بعد يوم بسبب استمرار الحصار ومنع دخول المواد الأساسية.
وفي تقرير حديث لصندوق الأمم المتحدة للسكان، يتضح أن هناك نحو 55 ألف سيدة حامل يعانين ظروفاً صحية وإنسانية متدهورة نتيجة الحرب المستمرة والحصار الخانق. ومن بينهن، تعاني 11 ألف سيدة على الأقل من خطر المجاعة وسوء التغذية الحاد، وهو ما يهدد حياتهن وحياة أجنتهن ويزيد من احتمالات المضاعفات الخطيرة أثناء الحمل والولادة. هذه الأرقام تكشف عن مدى خطورة الوضع الصحي والإنساني الذي يعيشه السكان في القطاع.
أما وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، فقد أكدت تلقيها رسائل يائسة من موظفيها في غزة حول المجاعة وارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى أربعين ضعفاً نتيجة استمرار الحصار ورفض دخول المساعدات منذ مارس الماضي. هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار يجعل الوصول إلى الغذاء أمراً شبه مستحيل للفئات الأكثر ضعفاً، ويعمق الأزمة الإنسانية بشكل غير مسبوق.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: هل يمكن لأي جهد دولي أن يوقف الحرب في غزة دون إرادة أمريكية؟ فالتدخل الدولي الفاعل يتطلب توافقاً وتعاوناً بين القوى الكبرى المعنية، خاصة الولايات المتحدة التي تلعب دوراً محورياً في السياسة الإقليمية والدولية تجاه القضية الفلسطينية. بدون دعم أو موافقة أمريكية واضحة، قد يصعب تنفيذ أي خطة فعالة لرفع الحصار وإدخال المساعدات بشكل مستمر وآمن.
ومع ذلك، فإن المجتمع الدولي لا يمكنه أن يقف مكتوف الأيدي أمام هذه الكارثة الإنسانية المتفاقمة. المبادرات الدبلوماسية والضغط السياسي يجب أن يتواصل بهدف إحداث تغيير حقيقي على الأرض. فالأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية مطالبون بتوحيد جهودهم والعمل على فرض آليات لضمان وصول المساعدات الغذائية والطبية إلى المحتاجين بشكل عاجل ودون عوائق.
وفي النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل ستتحرك القوى الدولية بسرعة كافية لإنقاذ ما تبقى من حياة وأمل في غزة؟ أم ستظل المصالح السياسية والضغوط الخارجية تعيق جهود إنهاء الحصار ووقف المجاعة؟ إن الوقت ليس في صالح السكان الذين يعانون يومياً تحت وطأة الموت والجوع؛ فكل تأخير يزيد من حجم الكارثة ويهدد مستقبل أجيال قادمة.
ختاماً، إن المجاعة التي تلوح في أفق غزة ليست مجرد أزمة غذائية عابرة؛ إنها نداء إنذار يدعو المجتمع الدولي للتحرك بسرعة وفعالية قبل أن تفقد المنطقة آخر رموز الصمود والأمل. فهل ستستجيب الضمائر العالمية لهذا النداء؟
أضيف بتاريخ :2025/07/24