#تقرير_خاص: السعودية بين العلن والخفاء: تطبيع سرّي في ظل دعم علني لفلسطين

عبدالله القصاب
في ظل التصريحات الرسمية التي تعبر عن دعم المملكة العربية السعودية للقضية الفلسطينية، وتأكيدها على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، تتكشف خلف الكواليس صورة مغايرة تماما لما يُعلن على الملأ. فبينما ترفع السعودية شعار الدعم العلني للفلسطينيين، يبدو أن هناك مسارا آخر يسير بشكل سري نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهو ما يثير الكثير من التساؤلات حول نوايا المملكة الحقيقية.
لقد أعربت السعودية عن ترحيبها بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عزم بلاده الاعتراف بدولة فلسطين، ووصفت هذا القرار بالتاريخي الذي يعكس توافق المجتمع الدولي على حقوق الشعب الفلسطيني. لكن، في ذات الوقت، تتواصل التحركات الدبلوماسية التي قد تؤدي إلى تقارب مع إسرائيل، خاصة مع عقد جلسات تشاورية مشتركة حول مؤتمر حل الدولتين المزعوم، والذي يُعد أحد أدوات الضغط والضغط المضاد بين الأطراف المعنية.
وفي سياق ذلك، فإن تأجيل المؤتمر مرتين وسط رفض إسرائيلي وتهديدات من واشنطن يثير الشكوك حول مدى صدقية النوايا الدولية تجاه القضية الفلسطينية. فالسعودية، التي تعلن دعمها للفلسطينيين علناً، قد تكون في الواقع تسير بخطى حذرة نحو فتح قنوات سرية مع تل أبيب، بهدف تحقيق مصالح استراتيجية واقتصادية وسياسية بعيدا عن الأضواء.
الأمر الأكثر خطورة هو أن يكون هذا المسار السري غطاءً لتحريك مسار التطبيع مع إسرائيل بشكل غير معلن، بدلاً من التركيز على تحقيق عدالة فعلية للشعب الفلسطيني. فمحمد بن سلمان يعتزم ترؤس مؤتمر حل الدولتين في نيويورك وسط أجواء من المجازر الإسرائيلية في غزة، وهو موقف يعكس تناقضا واضحا بين التصريحات والأفعال.
هذه السياسات المزدوجة تضع السعودية أمام اختبار حقيقي لمصداقيتها كداعم للقضية الفلسطينية. فهل ستظل تدعم علناً الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بينما تتجه سراً نحو علاقات أكثر دفئا مع إسرائيل؟ أم أن هناك خطة مدروسة لتحقيق مصالح استراتيجية على حساب الحقوق الفلسطينية؟
وفي النهاية، يبقى السؤال مفتوحاً أمام الرأي العام العربي والدولي: هل يمكن أن تكون هناك سياسة متوازنة تجمع بين دعم الحقوق الفلسطينية والتقارب مع إسرائيل بشكل يخدم مصالح المنطقة بأكملها؟ أم أن الواقع يشير إلى أن بعض الدول تختار التمويه والتلاعب بالمواقف لتحقيق أهداف خفية لا تخدم سوى مصالحها الخاصة؟
إن الكشف عن هذه السياسات المزدوجة ضروري لضمان عدم الانخداع بالمظاهر والكشف عن الحقيقة التي قد تكون مخفية وراء الأحاديث الرسمية والبيانات الداعمة للقضية الفلسطينية. فالشعوب والأجيال القادمة تستحق أن تُحترم حقوقها وأن تُحقق العدالة دون أن تُختطف خلف شعارات زائفة أو تحالفات سرية.
أضيف بتاريخ :2025/07/27