التقارير

#تقرير_خاص: السعودية بين التصريحات الشكلية والتطبيع الخفي: هل تتجه نحو رسم مسار جديد في علاقاتها مع إسرائيل؟

علي الزنادي

في ظل تصاعد الأحداث الميدانية في فلسطين، تظهر السعودية بمظهر المتحدث الرسمي عن الإدانة، إلا أن مواقفها تظل حبيسة التصريحات الشكلية، دون خطوات عملية تترجم تلك الإدانات إلى أفعال ملموسة. فقد كثفت المملكة بياناتها على منصة “إكس” خلال شهري يونيو ويوليو 2025، محاولةً تحسين صورتها أمام الرأي العام العربي، لكنها لم تتجاوز حدود التنديد الإعلامي.

وفي الوقت الذي أدانت فيه السعودية اقتحام الاحتلال لرام الله واستنكرت العدوان على مخيم النصيرات، ووصفته بـ “العدوان الوحشي” و”الاستفزاز الخطير”، فإن هذه التصريحات بقيت مجرد كلمات لا تترجم إلى ضغط سياسي أو دبلوماسي حقيقي على داعمي الاحتلال. فالموقف السعودي يبدو وكأنه يكتفي بإصدار البيانات دون اتخاذ خطوات فعلية لوقف العدوان أو دعم القضية الفلسطينية بشكل ملموس.

الأمر اللافت هو أن هذه التصريحات تأتي في وقت تتجه فيه المملكة نحو تعزيز علاقاتها مع إسرائيل بشكل غير معلن، حيث تسير قدماً في مشروع الممر التجاري الذي يربط ميناء نيوم بمرافئ تل أبيب. هذا المشروع الاقتصادي الضخم يعكس رغبة الرياض في الانخراط أكثر في التطبيع الاقتصادي مع الكيان الإسرائيلي، رغم استمرار الخطاب الإعلامي المناصر لفلسطين.

هذه الحالة من التناقض بين التصريحات والواقع العملي تشير إلى أن السعودية ربما تتبع استراتيجية تعتمد على إظهار موقف متشدد شكلياً تجاه الاحتلال الإسرائيلي، بينما تعمل على تهيئة الظروف لتطبيع غير معلن يخدم مصالحها الاقتصادية والسياسية. فالتقارب الخليجي مع تل أبيب أصبح واضحاً، حيث تُستخدم إدانات الكيان أحيانًا كغطاء لتسهيل خطوات التطبيع السياسي والاقتصادي.

وفي سياق ذلك، يتساءل المراقبون عن مدى صدقية الموقف السعودي الحقيقي من القضية الفلسطينية. هل هو مجرد تكتيك إعلامي لتحسين الصورة أمام الرأي العام العربي والإسلامي؟ أم أن هناك نية مبيتة للانتقال من مرحلة التصريحات إلى أفعال ملموسة تعكس تغيرات جذرية في السياسة الخارجية للمملكة؟

من الواضح أن النهج السعودي الحالي يعكس توازنًا دقيقًا بين الحفاظ على صورة داعمة للقضية الفلسطينية داخليًا وخارجيًا، وبين تحقيق مصالحها الاقتصادية والأمنية عبر التقارب مع إسرائيل. وهو نهج قد يفتح الباب أمام سيناريوهات متعددة تتراوح بين تطبيع كامل أو استمرار حالة التردد والانتظار.

وفي النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل ستتغير مواقف السعودية بشكل جوهري وتتحول من تصريحات شكلية إلى خطوات عملية تدعم القضية الفلسطينية بشكل فعلي؟ أم أن ما نراه هو مجرد استراتيجيات مرحلية تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية على حساب المبادئ الثابتة؟

إن ما يحدث حالياً يسلط الضوء على ضرورة مراقبة السياسات السعودية عن كثب، وعدم الاعتماد فقط على البيانات الإعلامية التي قد تكون مجرد غطاء لسياسات أكثر عمقاً وتطوراً. فالمستقبل سيكشف ما إذا كانت الرياض ستتخذ موقفاً حاسماً يدعم فلسطين بشكل فعلي أو ستظل أسيرة لغة التصريحات التي لا ترقى إلى مستوى الأفعال.

أضيف بتاريخ :2025/08/05

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد