#تقرير_خاص: السعودية ودورها في تهيئة المنطقة للتطبيع بين دمشق وتل أبيب: مصلحة أم استجابة لضغوط خارجية؟

عبدالله القصاب
في ظل التطورات السياسية المتسارعة التي تشهدها المنطقة، برزت أنباء تشير إلى دور سعودي متزايد في دعم مساعي التطبيع بين دمشق وتل أبيب، وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول دوافع هذا التحرك وأبعاده. فوفقًا لتقارير إعلامية، فإن الاتصال الذي جرى بين وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان ونظيره الأميركي بيت هيجسيث ركز على مستجدات الساحة السورية، مع التركيز على رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمستقبل سوريا، والتي تتضمن بشكل غير مباشر تطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي.
هذه الرؤية الأميركية التي تتضمن تعزيز العلاقات مع إسرائيل ودمجها في المنطقة، تأتي في سياق استراتيجيات أوسع تهدف إلى إعادة ترتيب المشهد الإقليمي بما يخدم مصالح واشنطن. ومن هنا، يبدو أن السعودية تلعب دورًا محوريًا في تنفيذ هذه الرؤية، خاصة وأنها تعتبر أحد أهم اللاعبين الإقليميين المؤثرين على الساحة العربية.
اللافت أن الوزير الأميركي شدد على أهمية الدور السعودي في دعم وتعزيز خطوات التطبيع المحتملة بين دمشق وتل أبيب. هذا التصريح يعكس رغبة واشنطن في أن تكون السعودية جزءًا فاعلاً في تنفيذ مخططاتها الإقليمية، خاصة فيما يتعلق بملف السلام والتطبيع مع إسرائيل. إذ يُنظر إلى السعودية كحاضنة رئيسية للقرار العربي والإسلامي، مما يمنحها القدرة على التأثير بشكل كبير على مجريات الأمور.
من جهة أخرى، فإن الدعم السعودي لهذا المسار قد يُنظر إليه كجزء من محاولة إرضاء الإدارة الأميركية الحالية التي تسعى لخلق تحالفات جديدة وتقليل النفوذ الإيراني في المنطقة. فالتطبيع مع إسرائيل يُعد خطوة استراتيجية يمكن أن تفتح أبواب التعاون الاقتصادي والأمني بين الدول المعنية، وهو ما يتماشى مع مصالح الرياض أيضًا.
لكن السؤال الأهم هو: هل تتوافق مصلحة السعودية الوطنية مع هذا التوجه؟ أم أنها مجرد استجابة لضغوط خارجية لتحقيق مصالح أميركية؟ فالسعودية لطالما كانت حريصة على الحفاظ على موقف متوازن تجاه القضية الفلسطينية والعلاقات العربية-الإسرائيلية. لذا، فإن دعمها المحتمل لهذا المسار يثير تساؤلات عن مدى استقلاليتها ومرونتها أمام الضغوط الدولية.
وفي الوقت الذي تتحدث فيه التقارير عن تهيئة الأجواء لتطبيع محتمل بين دمشق وتل أبيب بدعم سعودي ضمني أو معلن، يبقى الشارع العربي والفلسطيني يراقب بقلق هذه التحركات التي قد تؤدي إلى تغييرات جذرية في موازين القوى بالمنطقة. فالتطبيع لا يقتصر فقط على العلاقات الرسمية؛ بل يمتد ليشمل تبعات سياسية وأمنية واقتصادية عميقة.
وفي النهاية، يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى قدرة السعودية على الموازنة بين مصالحها الوطنية وتحقيق أهداف خارجية قد لا تتوافق دائمًا مع ثوابتها التاريخية والسياسية. فهل ستنجح الرياض في لعب دور الوسيط أو الحليف الذي يدعم الاستقرار والتوازن الإقليمي؟ أم أنها ستجد نفسها مجبرة على اتخاذ مواقف قد تضر بمكانتها الشعبية والإقليمية؟
ختامًا، فإن الدور السعودي المعلن أو المستتر في دعم مسارات التطبيع هو مؤشر آخر على تغيرات عميقة تشهدها المنطقة بفعل الضغوط الدولية والإقليمية. وعلى العرب والمسلمين أن يظلوا يقظين تجاه هذه التحولات التي قد تؤثر بشكل كبير على مستقبل القضية الفلسطينية والأمن والاستقرار الإقليميين بشكل عام.
أضيف بتاريخ :2025/08/11