#تقرير_خاص: السعودية وتحديها للبنان: هل تجرؤ على إشعال فتيل الحرب الأهلية؟

عبدالله القصاب
في ظل التوترات السياسية المتصاعدة في لبنان، تتكشف ملامح تدخلات خارجية تتجاوز حدود الدبلوماسية التقليدية، خاصة من قبل المملكة العربية السعودية. فبعد انتهاء الحرب المدمرة التي شنتها إسرائيل على لبنان، لم تتوقف السعودية عن محاولة فرض أجندتها على الساحة اللبنانية، لكن هذه المرة بشكل أكثر وضوحًا وتصعيدًا.
تشير مصادر موثوقة إلى أن هناك نية واضحة لدى الرياض لاستكمال ما بدأته إسرائيل من مساعٍ لنزع سلاح المقاومة اللبنانية، وعلى رأسها حزب الله. فتصريحات الباحث علي مراد تكشف عن تصميم سعودي لا يخفى على أحد، حيث أكد أن هناك قرارًا رسميًا من أعلى المستويات في المملكة للقضاء على حزب الله، وهو موقف يعكس رغبة عميقة في تغيير موازين القوى في لبنان والمنطقة بشكل عام.
الأمر الأكثر إثارة للقلق هو ردود الفعل الرسمية من قبل مسؤولين لبنانيين مقربين من الوفد السعودي، حيث عبّروا عن مخاوفهم من أن دفع الحكومة اللبنانية نحو نزع سلاح حزب الله قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، بما في ذلك احتمال اندلاع حرب أهلية جديدة. إلا أن رد الموفد السعودي كان صادمًا حين أكد أن القرار قد اتُخذ بالفعل وأنه لا يهمهم احتمال انفجار الوضع الداخلي اللبناني.
هذه التصريحات تكشف عن نوايا سعودية واضحة لفرض تغييرات جذرية على الساحة اللبنانية، بغض النظر عن التداعيات المحتملة. فتصريح بن فرحان بأن "القرار مأخوذ ومن أعلى المناصب" ورده بـ"لا نكترث" يعكس استهتارًا بمخاوف اللبنانيين وبمخاطر الانزلاق نحو الفوضى والدمار الداخلي.
مثل هذا التصعيد يثير تساؤلات حول مدى جدية السعودية في تنفيذ تهديداتها، وما إذا كانت تسعى فعلاً لإشعال فتيل حرب أهلية بهدف إعادة ترتيب المشهد السياسي بما يخدم مصالحها الإقليمية. فالتاريخ يشهد على أن التدخلات الخارجية غالبًا ما تأتي بتكاليف باهظة على الشعوب المستهدفة، خاصة عندما تتعلق بمصير وحدة الوطن وسلامة أبنائه.
وفي ظل هذا الجو المشحون بالتوتر والتهديدات المفتوحة، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن القوى السياسية اللبنانية من التصدي لهذه الضغوط الخارجية والحفاظ على وحدتها الوطنية؟ أم أن المصالح الخارجية ستقود البلاد إلى مرحلة جديدة من الفوضى والصراعات الداخلية؟
إن ما يحدث اليوم يضع لبنان أمام مفترق طرق حاسم؛ إما أن يستعيد سيادته ويقف بوجه التدخلات الخارجية التي تهدد وحدته واستقراره، أو ينزلق نحو أتون حرب أهلية جديدة تفتت نسيجه الاجتماعي وتدمر مستقبله.
وفي النهاية، فإن موقف السعودية المعلن يعكس رغبة واضحة في إعادة رسم خريطة النفوذ في المنطقة عبر أدوات داخلية وخارجية متنوعة. لكن التاريخ يعلمنا أن الشعوب التي تقف موحدة وتتمسك بوطنها وحقوقها هي التي تستطيع صد مثل هذه التحديات والتصدي لمحاولات التغيير القسرية التي تهدد وجودها واستقرارها.
أضيف بتاريخ :2025/08/19