التقارير

#تقرير_خاص: هل تزييف الأرقام يعيق مواجهة أزمة البطالة في السعودية؟  

علي الزنادي

تتصدر الأنباء مؤخراً تقارير تُظهر أن السعودية تحتل المرتبة الثانية خليجياً في معدل البطالة بنسبة 3.5%، متقدمة على سلطنة عمان التي تسجل 3.6%. هذا الرقم، الذي يتناقض مع البيانات الرسمية المعلنة من قبل الحكومة والتي تؤكد أن نسبة البطالة لا تتجاوز 7%، يثير تساؤلات كثيرة حول مدى مصداقية البيانات التي تعتمدها الجهات الرسمية.  

الاختلاف الكبير بين الأرقام يعكس أزمة أعمق تتعلق بالشفافية والصدق في عرض الواقع الاقتصادي للمواطنين. فبينما يروج الإعلام الحكومي لنجاحات في تقليل البطالة، تظهر تقارير مستقلة أن الصورة الحقيقية قد تكون مختلفة تماماً، الأمر الذي أدى إلى موجة غضب شعبية واسعة وتشكك كبير في مصداقية البيانات الحكومية.  

الأزمة تتفاقم مع الاعتماد المفرط على العمالة الأجنبية التي تصل نسبتها إلى 87.1%. هذا الاعتماد الكبير يقلص فرص العمل المتاحة للسعوديين ويزيد من التهميش الاقتصادي والاجتماعي لهم، مما يعمق الفجوة بين السياسات المعلنة والواقع على الأرض.  

قبل أسابيع قليلة، تصدر وسم #إقالة_وزير_الموارد_البشرية منصات التواصل الاجتماعي، معبرًا عن استياء المواطنين من تقاعس الجهات المعنية عن توفير فرص عمل حقيقية ومستدامة للشباب السعودي. هذا التفاعل الواسع يعكس حالة الإحباط والغضب الشعبي من السياسات التي تبدو وكأنها تركز على الحلول السطحية وتجاهل الجذور العميقة للأزمة.  

يبدو أن هناك نوعًا من “السعودة الوهمية” والوظائف المؤقتة التي تُستخدم لتقليص نسب البطالة بشكل ظاهري فقط، دون وضع خطط واقعية لمعالجة المشكلة بشكل جذري. فهذه الأساليب لا تساهم في بناء اقتصاد قوي ومستدام، وإنما تخلق وهم النجاح بينما يستمر الواقع في التدهور.  

المواطنون يرون أن الحكومة تمارس تضليلاً منهجيًا عبر تقديم أرقام مغلوطة أو مبالغ فيها بهدف تحسين صورتها أمام المجتمع الدولي، بينما الحقيقة تقول غير ذلك تمامًا. إن استمرار هذا النهج يهدد الثقة بين الشعب والحكومة ويؤدي إلى فقدان الأمل في تحقيق تغييرات حقيقية على مستوى سوق العمل والتنمية الاقتصادية.  

السؤال الملح هنا: إلى متى ستستمر الحكومة في تزييف الأرقام بدلاً من مواجهة الواقع بحلول فعلية وجذرية؟ هل ستظل تعتمد على الحلول المؤقتة والتلاعب بالإحصائيات حتى تتفاقم الأزمة أكثر؟  
  
إن الحل الحقيقي يكمن في الاعتراف بالمشكلة والعمل على وضع استراتيجيات طويلة الأمد لخلق فرص عمل حقيقية للسعوديين، وتقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية بشكل تدريجي ومنظم. كما يتطلب الأمر شفافية كاملة وبيانات دقيقة تعكس الواقع الحقيقي للمواطنين وتساعد على اتخاذ قرارات سليمة تستهدف التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية.  
  
وفي النهاية، فإن الشفافية والمصداقية ليستا مجرد كلمات تُقال بل هما أساس بناء الثقة وتحقيق التنمية الحقيقية التي ينشدها كل مواطن سعودي وطموحه لمستقبل أفضل لوطنه وأبنائه. فهل ستتغير السياسات وتتوقف لعبة الأرقام الوهمية أم سنظل نراوح مكاننا أمام أزمة تتفاقم يوماً بعد يوم؟

أضيف بتاريخ :2025/08/19

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد