التقارير

#تقرير_خاص: الذكاء الاصطناعي في السعودية: طموحات تتهددها ندرة المياه

عبدالله القصاب

تواجه السعودية والإمارات تحديًا كبيرًا يهدد مستقبل تطورهما التكنولوجي، وهو ندرة المياه. فمراكز البيانات التي تعتبر العمود الفقري لتطوير الذكاء الاصطناعي تستهلك كميات هائلة من المياه، مما يضع المنطقة على حافة أزمة مائية حادة. وفقًا لتقرير نشره موقع Rest of World، من المتوقع أن تحتاج المنطقة إلى 426 مليار لتر من المياه سنويًا بحلول عام 2030 لتلبية احتياجات مراكز البيانات الجديدة.

كل مركز بيانات بقدرة ميجاوات واحد يستهلك حوالي 25.5 مليون لتر من المياه سنويًا، وهو ما يعادل احتياجات مدينة صغيرة من المياه. هذا الاستهلاك الضخم يهدد بتحويل ندرة المياه إلى عنق زجاجة حاسم أمام الطموحات التكنولوجية في منطقة تعاني أصلًا من نقص الموارد المائية. فالسعودية، التي تُصنف ضمن أكثر الدول إجهادًا مائيًا على مستوى العالم، تسعى لجذب عمالقة التكنولوجيا مثل Google وMicrosoft وAmazon لبناء مراكز بيانات ضخمة.

لكن التحدي لا يقتصر على استهلاك المياه فقط، بل يمتد إلى درجات الحرارة الصيفية المرتفعة التي تضاعف الحاجة إلى أنظمة تبريد مكلفة ومرهقة بيئيًا. إذ تعتمد مراكز البيانات بشكل كبير على أنظمة التبخير المبردة، والتي تتطلب كميات هائلة من الماء للعمل بكفاءة. ومع اعتماد المنطقة الكبير على تحلية المياه كمصدر رئيسي للمياه العذبة، تزداد المشكلة تعقيدًا؛ فمحطات التحلية تستهلك كميات هائلة من الطاقة وتُعد مصدر ضغط إضافي على البنية التحتية للطاقة والمياه.

السعودية تمتلك اثنتين من أكبر محطات التحلية في العالم، توفران أكثر من مليون متر مكعب يوميًا، إلا أن هذه المنشآت تعتمد بشكل كبير على النفط والغاز وتستهلك طاقة هائلة. ومع توسع مشاريع مراكز البيانات والتكنولوجيا الحديثة، فإن البنية التحتية الحالية لن تكون قادرة على دعم هذا النمو دون تحديثات جذرية أو اعتماد تقنيات تبريد بديلة ومستدامة.

من الواضح أن هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في استراتيجيات إدارة الموارد المائية والطاقة في المنطقة. الابتكار في تقنيات التبريد واستخدام مصادر مياه غير تقليدية يمكن أن يكون جزءًا من الحلول المستقبلية لمواجهة هذا التحدي الكبير. كما يتطلب الأمر تعاوناً دولياً وإقليمياً لضمان استدامة الموارد المائية وعدم تحويلها إلى عائق أمام التنمية الرقمية.

ختامًا، فإن الطموحات التكنولوجية للسعودية والمنطقة بشكل عام لا يمكن أن تتحقق على حساب مواردها الطبيعية المحدودة. إن النجاح في تطوير قطاع الذكاء الاصطناعي يتطلب استدامة بيئية واقتصادية تضمن عدم استنزاف الموارد الحيوية للأجيال القادمة. فهل ستتمكن المنطقة من تحقيق توازن بين التطور والحفاظ على مواردها المائية؟

أضيف بتاريخ :2025/08/23

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد