#تقرير_خاص: هل يهدد الإنفاق الضخم على النجوم العالمية مستقبل الكرة السعودية؟

عبدالله القصاب
تشهد المملكة العربية السعودية حراكًا رياضيًا غير مسبوق، إذ تشهد لفتًا كبيرًا إلى كرة القدم كمحطة جذب لنجوم العالم، برواتب خيالية تتجاوز المئتين وأربعين مليون دولار سنويًا لكريستيانو رونالدو، وما يليه من نجوم كبار مثل رياض محرز وكريم بنزيما. هذا الإنفاق الهائل على استقطاب الأسماء العالمية يثير تساؤلات عديدة عن دوافع واستدامة تلك السياسات.
وفي حين يرى البعض أن ذلك يعزز مكانة السعودية على الخارطة الرياضية ويجعلها مركزًا عالميًا لمشاهد كرة القدم، فإن الحقيقة الأعمق تكمن في أن هذه السياسة قد تكون على حساب مستقبل الكرة السعودية نفسها. إذ أن التركيز المفرط على استقطاب النجوم الأجانب أدّى إلى تهميش المواهب المحلية، التي تجد فرصًا أقل في التقدم والظهور، في ظل ضعف الاستثمار في تطوير اللاعبين الوطنيين.
هذه الظاهرة، التي تتسم بإنفاق ضخم على الأجانب، ليست فقط مسألة مالية، وإنما تأخذ أبعادًا أعمق تتعلق بمستقبل الكرة السعودية على المدى البعيد. فإذا لم يتم الاستثمار بشكل حقيقي في تطوير قاعدة مواهب محلية، فإن مستقبل المنتخب الوطني يصبح معرّضًا للخطر، خاصة وأن الاعتماد المفرط على الأجانب لا يضمن استمرارية النجاح أو التطور.
كما أن الشعارات التي ترفُع حول تطوير الرياضة في السعودية غالبًا ما تتضارب مع الواقع، حيث تظهر هذه السياسات وكأنها مجرد أدوات لتلميع الصورة و"الغسيل الرياضي"، وليس لتحقيق تطور وطني ومستدام. إن الالتزام الحقيقي يتطلب استثمارًا طويل الأمد في بناء قاعدة قوية من المواهب المحلية، بدلاً من الاعتماد على استقطاب نجوم عالميين بشكل استثنائي.
نعم، إن جذب النجوم العالمية يعزز من مستوى المنافسة ويجلب الإعلام والجماهير، لكنه لا ينبغي أن يكون الهدف الأسمى على حساب تطوير القدرات الوطنية. إذ أن الاعتماد المفرط على لاعبين أجانب مقيد لهذه اللعبة، إذا استمرت السياسات على هذا النحو، فإنها قد تؤدي إلى ضعف التوافق بين الأجيال ومن ثم انهيار قصص النجاح المستدامة.
وفي النهاية، فإن الحل يكمن في استراتيجية توازن تجمع بين استقطاب المواهب العالمية وتطوير الكوادر المحلية. فبناء منظومة رياضية متكاملة يضمن استدامة النجاح ورفع مستوى الكرة السعودية، بدلاً من الاعتماد على جهود ظرفية وتكتيكية تنتهي بانتهاء عقود النجوم الأجانب.
ختامًا، يجب على القيادة الرياضية أن تعي أن الاستثمار الحقيقي في المواهب الوطنية هو الطريق الوحيد لبناء مستقبل قوي ومستدام. إن المبالغ التي تُنفق على النجوم الأجانب يجب أن تكون مقدمًا لدفع عجلة تطوير الكرة المحلية، وليس مجرد أدوات لتحسين الصورة الخارجية فقط. فالمستقبل الرياضي الحقيقي للسعودية هو تلك البنية التحتية والقاعدة التي تمكن من انتاج أبطال يرفعون الراية الوطنية على الساحة العالمية لسنوات قادمة.
أضيف بتاريخ :2025/09/11