التقارير

#تقرير_خاص: السعودية والبحر الأحمر: بين التلاعب السياسي والحماية الاستراتيجية للسفن الإسرائيلية  

عبدالله القصاب

في خطوة مثيرة للجدل، أعلنت السعودية عن تخصيص 4 ملايين دولار لدعم حماية السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر وخليج عدن، ضمن مبادرة أطلقت في مؤتمر عقد في الرياض في 17 سبتمبر 2025 تحت اسم "شراكة الأمن البحري اليمنية"، بمشاركة أكثر من 35 دولة، منها الولايات المتحدة وكندا وأستراليا والاتحاد الأوروبي ودول الخليج. هذه الخطوة تثير العديد من الأسئلة حول نوايا المملكة وتداعياتها على أمن المنطقة واستقرارها.  

وفي محاولة لتبرير هذه الخطوة، ادعى مسؤول سعودي في عدن أن الأموال ذهبت لدعم خفر السواحل اليمني وتعزيز أمن الملاحة البحرية، وهو ادعاء يفتقد للمصداقية في ظل التصعيد الواضح للمملكة في حماية مصالح الكيان الإسرائيلي في المنطقة. فإن التصريحات الرسمية تتناقض بشكل واضح مع الأفعال، خاصة وأن الدعم المالي يركز على حماية السفن الإسرائيلية، وهو ما قد يعكس انحيازًا مباشرًا يضر بمصالح اليمن وأمن البحر الأحمر ككل.  

هذه السياسة تبدو محاولة واضحة من السعودية لتلميع صورتها العربية والإقليمية، في ظل دعمها الواضح للموقف الإسرائيلي، علنًا أو ضمنيًا، وهو الأمر الذي يفتح الباب أمام تزايد التوترات في المنطقة. فالجهود السعودية الحالية قد تعزز من مخاطر صراع أوسع، يتمثل في تنافس بين طرف يدعم الاحتلال ومطالبة فلسطينية ببسط الحقوق، وطرف آخر يكرس انحيازه للمشروع الإسرائيلي على حساب مصالح الدول العربية.  

الأمر الأكثر إثارة للجدل هو أن البحر الأحمر، الممر المائي الحيوي الذي يربط بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، قد يتعرض للمزيد من التحول إلى ساحة صراع، خاصة مع تزايد التدخلات والاستقطابات الإقليمية والدولية. فتصعيد الدعم لحماية السفن الإسرائيلية، في ظل تلاعب السعودية برواية دعم الأمن اليمني، يمكن أن يهدد استقرار المنطقة ويؤدي إلى تدهور أمن الملاحة البحرية التي تعتمد عليها التجارة الدولية.  

السياسات السعودية الحالية تُظهر تفضيلًا واضحًا لمصالح الكيان الإسرائيلي، على حساب حقوق الفلسطينيين، وهو ما يعزز من احتمالات أن يصبح البحر الأحمر، الذي يُعد أحد أهم الممرات التجارية في العالم، ساحة لصراع متزايد بين الأطراف المتواطئة مع الاحتلال وأخرى تدعم القضية الفلسطينية. وهذا يقود إلى تساؤلات حول مستقبل الأمن والاستقرار الإقليمي، خصوصًا في ظل تعقيدات السياسات الدولية وتوازنات القوى.  

من جانب آخر، فإن دعم السعودية لهذا النوع من المبادرات والمبالغة في تبريرها قد يعزز من حالة الانقسام العربي، ويؤدي إلى تفاقم التوترات مع اليمن، التي تعيش أصلاً في ظل حرب مستمرة، فضلاً عن إضعاف مكانة الدول التي تسعى للحفاظ على موقف مستقل وداعم للقضية الفلسطينية.   
  
وفي النهاية، يبدو أن مصالح المملكة تتجه نحو تدويل البحر الأحمر ليكون جزءًا من توافقات إقليمية ودولية، على حساب السلام والأمن الإقليمي، بينما تتغاضى عن آهات اليمن ومعاناة شعبه الذي يعاني من حرب مستمرة وتجاهل متعمد. على المراقبين والمجتمع الدولي أن يعوا أن تكرار مثل هذه الخطوات يُهدد يفاعُم استقرار المنطقة، ويفتح أبواب الصراعات التي قد تصل إلى حدود لا يمكن السيطرة عليها.

أضيف بتاريخ :2025/09/18

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد