التقارير

#تقرير_خاص: بعد العدوان على قطر.. ما مصير العلاقات العربية - الإسرائيلية؟

عبدالله القصاب

تتصاعد التداعيات الأمنية والسياسية في المنطقة العربية والإسلامية بشكل غير مسبوق، خاصة بعد الهجوم الإسرائيلي على العاصمة القطرية الدوحة، الذي اعتبرته الدول العربية والإسلامية عدوانًا صارخًا على السيادة واستهدف أمن قطر، أحد أعضاء مجلس التعاون الخليجي. لم يكن هذا الهجوم مجرد عملية عسكرية، بل كان بمثابة رسالة واضحة تؤكد أن أنماط التفاهم والحوار التي لطالما تميزت بها المنطقة في سبيل التخفيف من النزاعات معرضة للخطر، وأن مخاطر التوترات الإقليمية تتجاوز حدود الأوطان الفردية.

الدول العربية والإسلامية، عبرت بإجماع واضح عن إدانتها للهجوم الإسرائيلي، على الرغم من عدم ذكر اسم إسرائيل في بيان مجلس الأمن الدولي، مما يعكس تجسد حالة من التضامن الجماعي تجاه قطر ورفضها لأي تهديد لأمنها. وسرعان ما انعقدت قمة عربية وإسلامية طارئة في الدوحة، كانت بمثابة رسالة تضامن وتأكيد على وحدة الصف، في مواجهة محاولات استهداف الأمن العربي والإسلامي من قِبل كيانات غير مسؤولة.

وفي ظل هذا السياق، يتصاعد التساؤل حول مستقبل الاتفاقيات التي أبرمتها بعض الدول العربية مع إسرائيل، سواء تلك المعروفة بـ«اتفاقيات أبراهام» أو غيرها، خاصة أن هذه الاتفاقيات كانت تهدف إلى ترسيخ علاقات دبلوماسية وتعاون إقليمي لتحقيق الاستقرار. إلا أن تصاعد التوترات، خاصة مع استمرار التوسعات الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية، يأتي ليهدد تلك الاتفاقيات ويضعها أمام امتحان حقيقي، خاصة مع تصريحات الإمارات التي حذرت من أن خطط إسرائيل التوسعية تمس جوهر تلك الاتفاقيات.

إن تطاول الحكومة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، وتوسيع المستوطنات، يعكس نية مبيتة لتقويض جهود السلام وإعادة رسم خارطة المنطقة على حساب الحقوق الفلسطينية، وهو الأمر الذي يهدد استقرار المنطقة برمتها، ويضع مصداقية الاتفاقيات الإبراهيمية على المحك، إذ أنها لم تفلح حتى الآن في حفظ التوازن بين المصالح الفلسطينية والإسرائيلية، وهو ما يبدو جليًا في تهاون إسرائيل مع التحذيرات العربية.

وفي ظل هذا المشهد، يصبح مستقبل تلك الاتفاقيات رهين قدرة الدول المعنية على إعادة تقييم علاقاتها، من خلال مواقف واضحة تُدعم الحقوق الفلسطينية، وتؤكد رفض التوسعات والاعتداءات الإسرائيلية. فهل ستتمكن الدول العربية والإسلامية من التمسك بالمبادئ التي نصت عليها تلك الاتفاقيات، أم ستتراجع أمام ضغط الواقع والتحديات الإقليمية والدولية المستمرة؟

لا شك أن الأزمة الحالية تفرض على المجتمع الدولي، خاصة مجلس الأمن، أن يتحمل مسؤولياته تجاه حفظ السلام، وإدانة أي اعتداء على سيادة الدول، كخطوة أساسية للحفاظ على استقرار المنطقة. وحده التضامن العربي والإسلامي، المستند إلى مبادئ العدالة والحقوق، هو الضامن الحقيقي لسلام دائم يستفيد منه الجميع، ويجنب المنطقة نتائج كارثية لن تُحمد عقباها.

وفي النهاية، يبقى التساؤل مفتوحًا عن مستقبل العلاقات الإقليمية والدولية، وعن مدى قدرة الأطراف على تجاوز خلافاتها والتمسك بمبادئ السلام والاستقرار، خاصة في ظل التحديات المتزايدة، التي تتطلب حوارًا جادًا ومسؤولًا يُثمر عن حلول عادلة تحقق الأمن والتنمية للجميع. إن المنطقة تستحق أكثر من صراعات ومراهنات على الفوضى؛ فهي أحوج ما تكون إلى الوحدة والتآزر.

أضيف بتاريخ :2025/09/18

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد