#تقرير_خاص: هل حُروب الإعلام بين أبوظبي والرياض تعكس تحولًا في تحالفهما؟

عبدالله القصاب
في ظل التوترات الأخيرة بين الإمارات والسعودية، تظهر المرحلة الجديدة من الصراعات الإعلامية كنوع من الرسائل غير المباشرة التي قد تكشف عن تغير في طبيعة العلاقات بين الحليفين الإقليميين. فقد نشر موقع “إرم بزنس”، المقرب من القيادة الإماراتية، تقريرًا انتقد فيه ضريبة الأراضي البيضاء التي فرضتها السعودية، معتبرًا أنها أدت إلى جمود السوق العقارية وتراجع تقييماتها. وكان من لافت أن يأتي هذا التقرير في توقيت حساس، وعلى الرغم من طابعه الاقتصادي، إلا أن لهجة الطرح وهدفه غير المعلن يثيران العديد من التساؤلات.
وبينما يسعى الإعلام عادةً لتوجيه النصح أو التعبير عن الرأي السياسي والاقتصادي، فإن توجيه انتقادات صريحة من هذا النوع يأتي في سياق أوسع من الصراع النفسي والسياسي بين النظامين. خاصة أن الموقع الإماراتي الذي يستخدم لغة نقدية بحق السياسات السعودية، يتزامن مع أنباء تتحدث عن توتر مكتوم في العلاقات بين العاصمتين، وهو ما يعكس ربما رغبة أبوظبي في توجيه رسالة داخلية وخارجية تمر من خلال هجمات إعلامية محسوبة.
هذا الأسلوب من التصعيد الإعلامي ليس جديدًا، فقد سبقه تداول تقارير وانتقادات أخرى من وسائل إماراتية، مثل تقرير غولف نيوز الذي انتقد السعودية لأنها تراهن على اللاعبين الأجانب وتتجاهل مقدراتها الوطنية. وهو مؤشر واضح على أن الإمارات تتبع استراتيجية من التصعيد الخفي بهدف إعادة تموضع وإظهار قدراتها بشكل مختلف في المشهد الإقليمي.
الرسائل غير المباشرة التي ترسلها أبوظبي عبر هذه التقارير تعبر عن رغبتها في استعادة بعض من حضورها الإقليمي، مع إظهار أنها ليست راضية تمامًا عن السياسات السعودية، خاصة تلك المتعلقة بالاقتصاد والاستراتيجية الداخلية. الأمر الذي قد يعكس توترًا مستترًا يزداد وضوحًا، ويُحتمل أن يكون جزءًا من خطة أوسع لإعادة توزيع مصادر النفوذ في المنطقة.
وفي الوقت الذي يدور فيه الحديث عن علاقات وشراكات، يبدو أن هذه الحروب الإعلامية ليست مجرد انتقادات موضوعية، بل أدوات ضغط وتحشيد، تكتب من خلالها أبوظبي رسائل سياسية لدول المنطقة وللرأي العام الدولي أيضًا. فهي وسيلة لتعزيز موقفها، بينما تترك الخارجية أو السياسة الرسمية تواجه المواقف بشكل علني، مكرسة أسلوب التصعيد غير المباشر.
اللافت أن هذه الحملة الإعلامية تأتي في ظل سياق إقليمي مضطرب، حيث يواجه العديد من الدول تحديات داخلية وخارجية، ويبحث كل طرف عن إعادة تموضعه أو التركيز على مصالحه. ولهذا، فإن التصعيد الإعلامي يعكس أيضًا محاولة أبوظبي توجيه رسائل واضحة تفيد بأنها لا تزال لاعبًا رئيسيًا في المنطقة، على الرغم من التوترات أو التغيرات الحاصلة.
مما لا شك فيه أن مثل هذه الحروب الإعلامية بين الحليفين، وإن بدا فيها من ناحية ظاهرية أنها مجرد تبادل انتقادات، إلا أنها تحمل في جوهرها رسائل مموهة تتعلق باستراتيجيات النفوذ، والموقع السياسي، والأهداف المستقبلية لكل طرف. وهي تذكير أن العلاقات بين الإمارات والسعودية، رغم تحالفهما التاريخي، ليست ثابتة، وقد تمر بمرحلة إعادة ترتيب.
وفي النهاية، يبقى السؤال معلقًا: هل ستؤدي هذه الحملات إلى تصعيد أكبر يهدد الاستقرار الإقليمي، أم أنها مجرد مناوشات إعلامية مؤقتة تذوب مع عودة التهدئة؟
أضيف بتاريخ :2025/09/26