تأجيج التصنيف .. مسئولية من ؟
محمد الثبيتي ..
«الاختلاف هو الرحم الشرعي لتوليد الأفكار الإبداعية» مقولة مضمونها يقودني إلى القول بأهمية توافر التباين في الأنماط الفكرية التي تُشكِّل بُنية المُجتمع؛ لكي نخرج من القولبة التي أسس لها مبدأ « إذا لم تكن معي فأنت ضدي « ولكن تفسير الاختلاف على أنه خطوة لزعزعة الأمن الوطني، وبداية لتصديع جبهته الداخلية، والسماح للمتربصين من الخارج بتفكيك لُحمته، إلى غير ذلك من الرسائل السلبية التي تتعاطاها العقول ذات الأُفق الضيِّق ،يُلغي التنوع الجميل في أنماط التفكير الذي يكون سبباً في إحداث الحراك الإيجابي في المُستنقعات الآسنة، فالراصد للتفاعل غير المنطقي بين أرباب المُختلفين والذين مارسوا هم دوراً يتنافى مع أخلاقيات الاختلاف ألا وهو «الإقصاء» يجد أنه يعكس واقعاً غير منطقي، فبدلاً من أن تكون لغة الحوار العقلاني هي السائدة بين التجمعَّات المُتباينة نجد أن العكس هو السائد، وكل هذا على حساب الموضوعية التي نُنادي بها ونحن أول من يتجنَّى عليها.
لذا يجب أن نؤمن بوجود هذه الأنماط الفكرية بين ظهرانينا، وعدم إغفال حِراكها مهما كان –سلبياً أو إيجابياً –ويتبقى بعد الإقرار بوجودها أهمية فتح قنوات تواصل ذات بُعد توفيقي وليس إقصائياً أو اندماجياً، بقدر ما يكون هذا التلاقي وسيلة لإيجاد صيغة تحترم كل الأطروحات الفكرية وتقبلها كما هي لا كما تُريدها الفئة الأخرى، وتعمل - جميعها - في خطوط متوازية لا تتقاطع لأي اعتبارات مهما كانت قوتها الجماهيرية، أو غطاؤها السياسي الذي يدعم وجودها؛ لكي نؤسس بناء على هذا الفَهْم منهجية التعددية والتنوع التي نؤمن بها قولاً ونرفضها ممارسة؛ وهذا يعود إلى أن الرؤية لهذه المنهجية تشوبها الضبابية، ناهيكم عن القصور في الآليِّات التي تُحقق هذا التقارب الذي من المؤكد أنه ملمح حضاري لمُجتمع يتقبل جميع أفراده مهما كانت توجهاتهم الفكرية وانتماءاتهم الطائفية، والأهم من هذا كله هو رغبته الصادقة في الاستفادة من كامل القدرات الكامنة التي تمتلكها كوادره البشرية عن طريق التوجيه السليم لا التعنت الممقوت.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/02/26