الخصخصة.. وانحيازها للمواطن

محمد هزاع المطيري ..
كثر الحديث عن توجه الدولة إلى خصخصة بعض القطاعات الحكومية، وتحول هذا التوجه إلى واقع حقيقي اليوم، حيث سنرى في المستقبل القريب شركات تنتج وتدير بعض القطاعات الحيوية منها والخدمية، كالنفط والكهرباء والمواصلات وغيرها، من التي أصبحت عبئاً مالياً ومكلفاً على الميزانية العامة، وجاء وقت تحررها لتنتقل إلى العالم الآخر.
إن الخصخصة بمفهومها العام شيء جيد وتجربة ناجحة، اعتمدتها كثير من دول العالم، وحققت نتائج مبهرة على مستوى تطوير جودة الخدمة للجمهور، ورفع الكفاءة وتحقيق مداخيل عالية.
لكن يحق لنا أن نبدي بعض المخاوف من الآلية، التي بموجبها سوف يتم تخصيص بعض القطاعات الحكومية وفق قانون تنظيم برامج وعمليات التخصيص، حيث يعتقد الكثير من الناس أن هدفها هو فقط تقديم خدمات أفضل، أو تطويرها بشكل يختلف عن الإدارة الحكومية المترهلة، وهذا اعتقاد ناقص، لأن المخاوف تكمن في ما يسمى عدم خلق فرص عمل للمواطنين مع بدء الانتقال نحو الخصخصة، فهذا البند الأساسي هو الشرط المهم، الذي يجب على الحكومة أخذه بالحسبان، حين إصدار قرارات الخصخصة وفق القانون المنظم لها، لذلك يجب إلزام الشركات الفائزة بالإدارة والإنتاج للقطاعات المتحولة تعيين نسبة محددة من المواطنين، بحيث تكون أعلى من نسبة الوافدين العاملين فيها، وهو الشرط الذي سوف يخلق فرصاً كثيرة ومتكررة لأبنائنا، ويخفف من عبء وضغط مسؤولية الدولة في تعيينهم.
إن مشاركة القطاع الخاص للدولة، ووضع يده على بعض وزاراتها ومنشآتها، يجب ألا يكون فيها طرف خاسر وآخر رابح، فالتاجر يبحث عن الربح، والدولة تبحث عن التوفير، ولا يتحقق الشرطان إلا بالتوافق ووضع الشروط الملزمة لكلا الطرفين ليتحقق النجاح، كما هو حاصل في الدول المتقدمة اليوم.
لذلك، وكما ذكرنا آنفاً، إن الشرط الأهم قبل البحث عن تقديم جودة الخدمة، وقبل التطوير، وقبل أي شيء آخر، هو الالتزام بخلق الوظائف للمواطنين في مشاريع الخصخصة، وإن لم يتحقق هذا الشرط أو كان هنالك تهاون من قبل الدولة لمصلحة الشركات المستفيدة، فإن العبء والتكلفة سيستمران على كاهل الحكومة، وكأنها بذلك تحمل أثقالاً فوق أثقالها، بسبب تراخيها في شرط التعيين وتحقيق النسب المقبولة للمواطنين في القطاعات المخصصة، وعندئذ ستكون هي الطرف الخاسر من هذه العملية، وبالتالي نستطيع أن نحكم على أن الخصخصة قد فشلت قبل أن تبدأ!
كذلك يجب على الدولة أن تنشئ وحدة مراقبة في كل وزارة أو جهة حكومية لديها جزء من أعمالها أو ملكيتها (مخصص)، لكي تتابع التزام الشركة بكل اشتراطات العقد، وتتأكد من سير الآلية وفق ما هو مرسوم له وفي إطار القانون.
ولأننا نسير وفق برنامج زمني يخضع لمدى نجاح وفشل تلك التجربة الرائدة في مجال تطوير الاقتصاد، وتنويع مصادر الدخل، فإنه من الضروري البدء بخطوات مدروسة ومتأنية، لضمان سيرها وفق الخطة الموضوعة، وبالتالي تعميمها لتتناول قطاعات أخرى تحتاج إلى الخصخصة مستقبلاً.
جريدة القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2017/03/24