الاقتصاد الرقمي .. أرقام إيجابية جديدة
د. أمين ساعاتي
في مجال المقارنة بين الزيادة في معدلات التجارة الدولية التقليدية، والتجارة الدولية عبر وسائل التقنية الحديثة.. يتضح بأن التجارة عبر الإلكترونيات تحقق تقدما مطردا على التجارة الدولية التقليدية.
ولقد أجرت شركة برايس ووترهاوس كوبرز أخيرا دراسة للوقوف على معدلات الزيادة في شراء الملابس عبر البريد الإلكتروني في 25 دولة بعضها في الدول المتقدمة وبعضها الآخر في الدول النامية.
وأظهرت الدراسة أن 54 في المائة من الذين تم استجوابهم قد اشتروا منتجات من خلال الإنترنت، كما أظهرت الدراسة أن الأرقام في بعض الدول النامية أعلى من نظيرتها في الدول المتقدمة، وهو مؤشر يؤكد أن التجارة الإلكترونية في الدول الفقيرة تنتشر نسبيا أكثر من الدول الغنية.
وأشار روبرتو أزيفيدو المدير العام لمنظمة التجارة العالمية إلى أن الأرقام التي في حوزة منظمة التجارة العالمية تؤكد أنه بين عام 2013 وعام 2015 قفزت قيمة التجارة العالمية على شبكة الإنترنت من 16 تريليون دولار إلى 22 تريليون دولار، مؤكدا أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم تمكنت بفضل التجارة الإلكترونية أن تقلل من تكاليف الأعمال التجارية أكثر بكثير من التجارة التقليدية.
وأضاف روبرتو أزيفيدو أن التجارة الإلكترونية وفرت منصة تسمح للمنتجين سواء من الشركات متعددة الجنسيات أو المؤسسات الصغيرة أو متوسطة الحجم.. من الوصول إلى الأسواق العالمية، والاتصال بشبكة أوسع من المشترين، ولكن أزيفيدو أشار إلى أن منظمة التجارة العالمية في حاجة إلى التأكد من أن البنية التحتية للتجارة الإلكترونية تسير في الاتجاه الصحيح، وأضاف بأن هناك سياسات معتمدة لمحاربة الغش في التجارة الإلكترونية والتوسع في استخدام الشفافية والمساءلة، وإذا كانت التجارة الإلكترونية تسهم في خفض تكاليف التجارة وتوسيع نطاقها، فإن اتفاقية تيسير التجارة، وهي أهم صفقة عالمية في القرن الحادي والعشرين ستكون بالغة الأهمية في مجال تخفيض تكاليف التجارة بنسبة قد تصل إلى 14.3 في المائة في المتوسط.
ونحن نتابع قواعد الاقتصاد الدولي نلاحظ أن الاقتصاد الدولي يشهد اليوم تغيرا عميقا في هياكله Digital وأنشطته، حيث إن اقتصاد العصر الصناعي تراجع بوتائر متسارعة لمصلحة اقتصاد المعرفة أو الاقتصاد الرقمى. Economy
ونحن إزاء استمرار انخفاض أسعار البترول، وبالتالي انخفاض إيرادات الدولة.. فإن أهم البدائل المطروحة هو تحويل الاقتصاد السعودي إلى اقتصاد معرفي.
إن أهم مرتكزات اقتصاد المعرفة هو المعلومات والتوسع في استخدام التكنولوجيا، وقبل هذا وذاك إصلاح التعليم، ولا يمكن أن نتصور بأننا نستطيع أن ندخل بوابة اقتصاد المعرفة دون تعليم تقني وأساسي جيد وجاد ومتمكن. إن اقتصاد المعرفة يتضمن جميع الأنشطة والعمليات الخاصة بصنع وإنتاج، وتسويق، وتوظيف، وتشغيل، واستهلاك، وإعادة إنتاج المعلومات والمعرفة، ويشمل طيفا واسعا من الصناعات منها صناعات البرمجيات، والإلكترونيات، والاتصالات، ونظم المعلومات وخدمات المعلومات، كما يضم أيضا مراكز الأبحاث، ومؤسسات الفكر، والمكاتب الاستشارية، ومكاتب دراسات الجدوى، ومراكز اللغات والترجمة، ودور النشر والصحف ووكالات الأنباء والإذاعة والتلفزيون، إلى الأنشطة ذات العلاقة بالجوانب الطبية والبحوث البيولوجية والدوائية، ونذكر على سبيل المثال أن الحق الحصري لنقل البطولات الرياضية على الهواء يدر مليارات الدولارات، كذلك فإن دراسات الجدوى تفرز كثيرا من الشركات ذات رؤوس الأموال الكبيرة حتى وسائل الإعلام تتعامل بأموال هائلة مقابل خدمات تقدمها في الهواء الطلق.
وواضح مما سبق أن التعليم والمعلومات واستخدام الكمبيوتر هي حجر الأساس في اقتصاد المعرفة، كذلك نلاحظ أن الإنترنت بأنشطته المختلفة أصبح يتغلغل في كل مكونات اقتصاد المعرفة، ففي مجال الأجهزة والمعدات أصبح للإنترنت نصيب وافر في الحاسبات المكتبية والمحمولة ومعدات الشبكات والحاسبات الخادمة، كما يلعب الإنترنت دور الحاضن للمعلومات بأفرعه المختلفة، كذلك يعد الإنترنت أكبر أوعية تداول المعلومات واستخدامها ونشرها، وكذلك الحال في مجال الموارد البشرية والتدريب.
لقد صار بالإمكان تكوين وجمع وتخزين ومعالجة وتوزيع المعلومات على نطاق واسع بكلفة منخفضة لم يشهد لها التاريخ مثيلا من قبل، فالعصر الصناعي كان عصر ديكتاتورية المعلومات، لأن المعلومات كانت حكرا على الشركات الكبرى متعددة الجنسيات، بينما حرمت الشركات الصغيرة والعملاء الصغار من فرصة الانتفاع من المعلومات.
أما اليوم فقد أصبح الاتصال إلكترونيا بين منشآت الأعمال ــ في كل أنحاء العالم ــ لأغراض اقتصادية كإبرام الصفقات وتبادل المعلومات والبيانات التي كانت لسنوات طويلة تصنف على أنها سرية للغاية، ولكنها أصبحت اليوم من الأمور اليومية الدارجة.
والواقع أن هذا النوع من الانفجار والتوسع في الحصول على المعلومات ما كان ليحصل لولا اكتشاف الإنترنت وتنامي استخداماته وتطبيقاته، ثم اكتشاف الموبايل وغيره من أجهزة تكنولوجيا المعلومات.
إن القرن الحادي والعشرين هو بحق عصر اقتصاد المعرفة أو الاقتصاد الرقمي أو اقتصاد تكنولوجيا المعلومات، باعتبار أن ثورة تكنولوجيا المعلومات حفزت مؤسسات الأعمال إلى انتهاج برامج تعد من أهم عوامل تكوين الثروة.
إن هذه المنطلقات في عصر اقتصاد المعرفة هي المنطلقات التي يجب أن يسعى إليها اقتصادنا السعودي الذي ما زال يبحث عن نفسه وسط زحمة من التطبيقات البيروقراطية، والمحاولات ما زالت مستمرة لتحقيق نتائج إيجابية على الأرض تمكننا من الوصول إلى مصادر جديدة للدخل.
صحيفة الاقتصادية
أضيف بتاريخ :2017/05/07