آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الله فدعق
عن الكاتب :
فقيه ومفكر إسلامي، أخذ العلوم الإسلامية عن عدد من العلماء في المسجد الحرام وغيره، أبرزهم جده إمام الشافعية حسن فدعق

فكِّر أحسن لك

 

عبدالله فدعق

إعادة النظر في أي شيء، غير الثوابت المنصوص عليها في القرآن الكريم، والسنة الشريفة ليس جرما، وليس أمرا محرما؛ وإلا ستظل الأمة في حالة مستمرة من اللاإدراك بمسؤولياتها الفكرية تجاه هذا الكون

ليس جديدا، أن أقول أنا أو غيري، إن هناك خللا في الفكر الديني المعاصر، والحقيقة أنه خلل قديم، تراكم على مر سنوات لا بأس بها، وترك آثاره على عقول الناس، ومصيبة هذه الصورة الصريحة عندي، أقل من مصيبة أن يتسلل اليأس إلى عقول وقلوب الناس، أو أن نظن أن الأمل في التصحيح مفقود..

هناك تحديات لا تخفى على مستوى الفكر بعمومه، والديني بالخصوص، وهناك كذلك ضرورة ملحة لأن يقوم المؤهل فينا بالتوعية المستمرة، بكل شيء جميل في الفكر الديني، وفي الدين بالعموم، وأن إعادة النظر في أي شيء، غير الثوابت المنصوص عليها في القرآن الكريم، والسنة الشريفة ليست جرما، وليست أمرا محرما؛ وإلا ستظل الأمة في حالة مستمرة من اللاإدراك بمسؤولياتها الفكرية تجاه هذا الكون..

أبو الفلسفة الحديثة، الفرنسي المميز، رينيه ديكارت، صاحب كتاب (تأملات في الفلسفة الأولى)، الذي يعد من أشهر كتب كليات الفلسفة، والشخصية الرئيسية لمذهب العقلانية، قبل قرون، له مقولة رائعة نصها: «أنا أفكر، إذًا أنا موجود»، وهي مقولة لم يسبقه إليها أحد؛ رغم أن بعض الباحثين الإسلاميين المعاصرين، يقولون إنه عالة في كل أو بعض نظرياته الفلسفية، على الإمام أبي حامد الغزالي، وخصوصا كتابه (المنقذ من الضلال)، ويضيفون أن هناك نصوصا مأخوذة منه حرفيا، مثل «الشك أولى مراتب اليقين»، وأنه لم يُشر إلى الإمام الغزالي في أي من كتاباته..

«أنا أفكر، إذًا أنا موجود»، رغم الجدل فيما ذكرته سابقا، تعني أن الفكر إذا توقفت حركته توقفت حياة صاحبه؛ والفكر الديني المقصود في مقالي هنا، هو ذاك الفكر الذي قام ويقوم على أسس وقواعد تنتهي إلى معلومات صحيحة دينيا، وبدونه نكون قد خالفنا سنة الكون، ومنعنا ديننا من أن يكون دينا صالحا لكل زمان ومكان، أو أن الزمان والمكان لا يصلحان إلا به، وأن قصره على الآخرة فقط سيحوله إلى شيء جامد، لا روح له، أو فيه..

التجديد في الفكر الديني، أمر بدأ منذ قرون طويلة، ومن يصغي سمعه إلى الرافضين له، أو الواضعين للعقبات دونه، أو أولئك المرددين لأقوال ظنها بعضنا وحيا، من مثل «لم يترك الأوائل للأواخر شيئا»، أو نحوها، سيؤخرنا عن الركاب، وسيمنعنا من اللحاق بمن دفع بالحياة نحو التقدم والتطور، وكما يقول الجاحظ «إذا سمعتَ الرجلَ يقول: ما ترك الأوَّلُ للآخِر شيئاً، فاعلمْ أنه لا يريدُ أن يُفلِح»، ويفسر ذلك الإمام ابن مالك الطائي بقوله «إذا كانت العلومُ مِنَحاً إلهية، ومواهبَ اختصاصيةً؛ فغيرُ مستبعَدٍ أن يُدَّخَر لبعض المتأخِّرين ما عسُرَ على كثيرٍ من المتقدِّمين».
 
صحيفة الوطن أون لاين

أضيف بتاريخ :2017/05/21

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد