هل ماتت عندنا القراءة؟
محمد أحمد مشاط
على عكس ما يعتقد كثيرون فإن أعداداً كبيرة في مجتمعنا يقرأون بل ويكتبون.. ويستغرق منهم ذلك وقتاً طويلاً من ساعات النهار والليل.. نحن نتحدث بالطبع عن القراءة عن طريق الأجهزة الإليكترونية المختلفة سواء كان ذلك لصحافة الوطن والعالم التقليدية في الوسيط الإليكتروني، وكذلك ما تبثه برمجيات التواصل الاجتماعي.
هذا الاكتساح (القرائي) لكمية المعلومات والتواصل سواء ما كان منها دقيقاً أو غير دقيق، والذي يشكل استهلاكاً كبيراً لوقت الإنسان إلا أن مقداره يختلف بدرجات متفاوتة بين الأشخاص في المجتمع الواحد، وكذلك بين مستوى التقهقر أو التقدم المعرفي للمجتمعات والدول.
ففي الدول المتقدمة ما يزال الكتاب يحفل بالتقدير والصدارة والشعبية بصرف النظر عن الوسائط التي يبث فيها ورقاً كان أو شاشة.. يحدث ذلك بالرغم من أنهم هم الذين اخترعوا هذه الوسائط الإليكترونية الجديدة، وعلى الرغم من الحضور الكبير للمحطات والشبكات التلفزيونية، ودور السينما، والمسارح بأنواعها، وعروض الأوبرا، وسهرات الموسيقى الكلاسيكية، والمعارض التشكيلية والنشاطات الرياضية والمجتمعية بشتى أنواعها؛ فمن أين لهم الوقت الذي يستطيعون فيه العودة إلى الكتاب وقراءة ما يحتويه من ثقافة وفلسفة وأدب وعلوم واقتصاد ومختلف أنواع الآداب والمعارف؟
في كثير من المجتمعات المتأخرة التطوير يلاحظ أنها تهتم كثيراً بنوع الجهاز الإليكتروني وحداثته، والسيارة الفخمة، والملابس الغالية، وغيرها من مظاهر الغنى واليسار مع أن كثيراً من أفرادها ينفقون من أجل ذلك ما يفوق إمكاناتهم المالية. كما أن ثقافة تلك المجتمعات تعتمد على عدم الدقة (سواء بعلم وبغير علم) وكذلك على الشائعات التي يتنافسون في التسابق لنقلها حتى ولو لم تكن صادقة أو دقيقة.
وحتى في معارض الكتاب عندنا، والتي تحقق عائدات مالية أكبر من جيراننا؛ فإنها تستحوذ فيها (المظهرية) الخالصة على بعضنا لا عطش الثقافة والعلم. والتعميم في هذا غير دقيق لأن للقواعد استثناءات. ولعل من أبرز اللافت فيها أيضاً ظهور كثير من المؤلفين والمؤلفات الذين لا تعتبر كتبهم أعمالاً ذات قيمة أدبية أو ثقافية أو إبداعية؛ بل هو -في حقيقته- تنافس لحصد ألقاب الأدباء والعلماء والمثقفين برغم تدني مستوياتهم الفكرية والثقافية والأدبية، وفقر كثير منهم للموهبة والتميّز الإبداعي.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2018/04/01