ما بين تموزين.. هل حقَّق العدو الصّهيونيّ الرّدع؟
حمزة أبو شنب
مما أنجزته المقاومة في صراعها أنها ضربت عصبه الرئيس المتمثل في الجبهة الداخلية، كما نزعت رغبته في القتال، وألزمته بإدخال مبدأ الدفاع في عقيدته القتالية.
نعيش هذه الأيام في ظلال الذكرى الرابعة عشرة للعدوان الصهيوني على لبنان، بما يعرف بـ"حرب تموز"، التي هدفت إلى القضاء على قوى المقاومة اللبنانية، متمثلة في "حزب الله" اللبناني، من خلال العمل على تقويض البنية التحتية للبنان، والسعي إلى استهداف الحاضنة الشعبية للمقاومة في الجنوب، بالتوغل البري والعمل على وقف القدرة القتالية لحزب الله.
كما تمرّ علينا في اللحظة الراهنة الذكرى السادسة للعدوان الصهيوني على قطاع غزة في العام 2014، وهو الأطول في معادلة الصراع بين العدو الصهيوني والمقاومة، والذي هدف إلى القضاء على المقاومة الفلسطينية، بزعامة حركة حماس وذراعها العسكرية كتائب الشهيد عز الدين القسام، بشنّ مئات الغارات الجوية، وإدخال القوات البرية في بعض المناطق الحدودية داخل قطاع غزة.
انتهى كلا العدوانين بعد أداء غير مسبوق للمقاومة في وجه العدوّ الصهيونيّ، وتقديم نموذجين فريدين في المواجهة، سواء كان بالاستهداف الصاروخي للمناطق العسكرية والأراضي المحتلة العام 48، أو خلال جولات التصدي للقوات الصهيونية الغازيَة في المواجهة البرية، والتي تكبدت خسائر فادحة في صورتها العنترية، فقدت نجحت المقاومة في تدمير مدرعاتها، كما حدث في بيت جبيل اللبنانية، وأسر جنودها كما جرى في قطاع غزة، عبر أسر كل من شاؤول أرون وهادار جولدن، عدا عن المواجهة المباشرة بين المقاتلين المقاومين وجنود جيش العدو، والتي كانت الغلبة فيها للمقاومة.
بعد هذين العدوانين، ماذا حقّق العدو الصهيوني؟ وماذا حقّقت قوى المقاومة؟
لقد فشل العدو الصهيوني في تحقيق حالة الردع ضد قوى المقاومة، وأصبح يدرك أن الدخول في مواجهة شاملة وواسعة عالي التكلفة على صعيد جبهته الداخلية، التي نجحت المقاومة في جعلها جزءاً من أي معركة، وبات يعي أن فكرة القضاء على قوى المقاومة غير قابلة للتحقق، وأن الفكرة الأقرب بالنسبة إليه هي عملية التعايش مع تهديداتها، والعمل على إضعاف قدراتها القتالية بالاستهداف النظيف (من دون وقوع شهداء)، كما أصبحت حسابات العدو أكثر تعقيداً عند طرحه قرار استهدافها، سواء في لبنان أو فلسطين، فقد حطمت المقاومة رغبة العدو في القتال.
في المقابل، أفلحت المقاومة في كبح شهية العدو في التغول في دماء الآمنين. وعلى عكس ما هدف إليه العدو من القضاء عليها أو حتى تقليم أظافرها، فقد تمكّنت المقاومة من تطوير قدراتها القتالية والاستخبارية بصورة غير مسبوقة، وأصبحت قادرة على استهداف الأراضي المحتلة العام 48 بعشرات أضعاف ما استهدفته بها خلال المواجهات السّابقة.
نجحت المقاومة في مراكمة القوة وتطوير قدراتها في المواجهة مع العدو. وفي كل جولة، تتمكّن من اكتساب المزيد من النقاط لصالحها على حسابه. وفي هذا المقام، لا يمكن نكران أن الميزان العسكري ما زال لصالح العدو بفارق كبير مقارنة بقدرات المقاومة، كما أنه يحظى بدعم قوى الشر العالمية وتواطؤ البعض العربي معه.
ولكن ذلك لم يمكّن العدو الصهيوني من بسط الاستقرار والأمن لمواطنيه المغتصبين لأرض فلسطين، فمما أنجزته المقاومة في صراعها أنها ضربت عصبه الرئيس المتمثل في الجبهة الداخلية، كما نزعت رغبته في القتال، وألزمته بإدخال مبدأ الدفاع في عقيدته القتالية، وأضحى يركن إلى أسلوب الضربات الاستباقية الموضوعية، بغرض تجنّب الدخول في المواجهة الواسعة.
الصراع بين العدو والمقاومة مفتوح. وقد يتمكّن العدو من إنجاز بعض مهامه في محاربتها، سواء على الصعيد الميداني أو عبر الحصار المالي أو الملاحقة الدولية، لكن كل خطواته منحتها المزيد من العناد في بناء قدراتها. وفي النهاية، ستكون الغلبة والكلمة الفصل للمقاومة.
لصالح موقع الميادين نت
أضيف بتاريخ :2020/07/26