التقارير

#تقرير_خاص : 10 سنوات على الانتفاضة.. الحراك المطلبي يتجدد في #القطيف و #الأحساء 

 

رائد الماجد..

قبل 10 أعوام، انتفضت القطيف ومن ثم المناطق المجاورة لها، احتجاجاً على حالة التهميش والحرمان منذ أكثر من مائتي عام حينما راح المد السعودي يفرض كيانه على بلاد الجزيرة العربية بقوّة السيف والنار.

تمييز طائفي ومناطقي، تحريض مذهبي، اضطهاد، اعتقالات عشوائية بالجملة، قمع مُحكم ضد كل أشكال الحرية وانتهاكات إنسانية وأخلاقية على أنواعها.

هي بعض من ممارسات السلطات السعودية الضاربة في عرض الحائط جميع الشرائع الدينية والقوانين الدولية التي تحثّ الأنظمة على حماية المواطن لا سلبه أمنه وأمانه.

البداية كانت من القطيف، بعد مرور أسابيع قليلة على حادثة “بوعزيزي” في تونس التي أشعلت فتيل الثورات العربية، حيث هبّ القطيفيون في 17 من فبراير/ شباط 2011 معلنين سخطهم على حالة الظلم والقهر التي يتعرضون لها على امتداد أراضيهم، فطالبوا بتحقيق العدالة بين المواطنين وإنهاء حالة التمييز السائدة في البلاد إلى جانب الكف عن التضييق على الحريات الدينية وإطلاق سراح السجناء المنسيين هي المطالب الرئيسية التي رفعها المحتجّون.

في الشهور الأولى التي تلت ولادة الانتفاضة الشعبية، غصّت الشوارع بالشباب الغاضب من الواقع المأساوي والراغب بتغييره بكل ما تحمله الكلمة من معاني اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية، وحافظ الحراك على سلميته كما بدأ، بيد أن الجانب السعودي قابل تلك التحركات السلمية بالقمع الشديد إذ راحت قوات مكافحة الشغب تفرّق التظاهرات عبر إطلاق الرصاص الحي ورصاص “الشوزن” (المحرم دولياً) والقنابل المسيّلة للدموع ما تسبّب بسقوط عشرات الشهداء على مدى أشهر طويلة وهو ما لم يمنع الشبان من استكمال الحراك.

في ٢٤ من فبراير/ شباط ٢٠١١ ارتفعت وتيرة الغضب الشعبي للانتفاضة وتجدّدت الدعوات للتحرّك ضد سياسات السلطات السعودية، فامتلأت الشوارع والساحات للمطالبة بإطلاق الشهداء التسعة المنسيين الذين كان قد مضى وقتها على اعتقالهم ستة عشر عاماً دون الكشف عن مصيرهم، ثم ما انفكّ أن ارتفع منسوب الاحتجاجات السلمية في شهر مارس/ آذار من العام ذاته لتمتد الانتفاضة نحو الأحساء وتاروت والدمام وليعلو الصوت المطلبي بهتافات “خروجنا سلمي مطلبنا شرعي”.

لم تكن حادثة اعتقال رجل الدين البارز الشيخ توفيق العامري، إلا شرارة أخرى لاشتعال التظاهرات في القطيف والمناطق المجاورة لها وأبرزها الهفوف في الأحساء، بعد أن دعا إلى الإصلاح وانتقد التمييز الذي تتعرض له الأقليات.

في المقابل لم تتوان السلطات السعودية عن طمس معالم التحركات بالقوة العسكرية والتعتيم والتشويه الإعلامي الذي اجتهد في إظهار المتظاهرين على أنهم إرهابيين تارةً أو خلايا منظّمة تابعة لإيران هدفها ضرب السلم الأهلي تارةً أخرى فضلاً عن فبركة الفتن الطائفية لمنع تمدّد الانتفاضة إلى المكوّنات الأخرى الذين يشاركونهم القهر والحرمان، وفق مراقبين.

وشكّل استشهاد الشاب ناصر المحيشي (19 عاماً) على أيدي القوات السعودي عند نقطة تفتيش في القطيف أوائل نوفمبر 2011، تحوّلاً كبيراً في الحراك الشعبي كما كان له وقعاً خاصاً على أنفس القطيفيّين خصوصاً عندما رفضت السلطات السعودية تسليم جثماته إلى ذويه، ثم تلا هذه الحادثة استشهاد 6 آخرون وقد شهدت على إثرها منطقتي القطيف والعوامية مسيرات ضخمة تطالب بإيقاف حملات القتل والاعتقالات بحق أهالي المنطقة الشرقيّة، في الوقت الذي تعمّد فيه الإعلام العربي والخليجي تحديداً تجاهل قضايا أبناء الحجاز.

يؤكد مراقبون أن ممارسات السلطات على مدى الأعوام الماضية لم تؤد إلى تراجع الشباب عن المطالب أو إلى إغفال الحقوق ونسيان المعتقلين، بل إنها كانت دافعاً قوياً في رفع عزيمة الأهالي في القطيف والأحساء، إذ يُعتبر إعدام الشيخ المجاهد نمر باقر النمر والشابين علي الربح ومحمد الشيخ ونشطاء آخرون سراجاً يضيء طريق المُكافحين لإطلاق الصوت المطلبي ورفض الظلم السائد على الأهالي والذي سيستمر وسيشتعل في كل عام بالتزامن مع ذكرى انطلاق الحراك الشعبي، فمشاهد القمع والإنتهاكات التي تشكّل مفاهيم السياسة السعودية ضد الأقليات الطائفية على وجه الخصوص لا تزال مستمرة، ذلك أن القوات السعودية لم تكفّ يوماً واحداً عن ممارسة شتّى أشكال المضايقات والاعتداءات على الأهالي في القطيف والأحساء، فيما تُعد الاعتقالات والمحاكمات السريّة ومسلسلات التعذيب الممنهج داخل السجون السعودية سيّئة الصيت من أبرز ما يعانيه النشطاء الذين شاركوا في تظاهرات 2011 وكل من يدعو إلى الإصلاح في البلاد.

أضيف بتاريخ :2021/02/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد